الثلاثاء 1447/04/15هـ (07-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » المعالم التاريخية » مسجد ومدرسة أم السلطان شعبان يجسد العمارة المملوكية في القاهرة الإسلامية

مسجد ومدرسة أم السلطان شعبان يجسد العمارة المملوكية في القاهرة الإسلامية

 

يعد مسجد ومدرسة أم السلطان شعبان واحدا من أهم المجمعات الإسلامية التي تعود إلى العهد المملوكي، حيث شيد في منطقة الدرب الأحمر بشارع باب الوزير في قلب القاهرة الإسلامية، ويضم مسجدا ومدرسة وضريحا شيدها السلطان الأشرف زين الدين شعبان بين عامي 1368 و1369 تكريما لوالدته خوند بركة، وقد أصبح المجمع علامة بارزة على الجمع بين الطابع الديني والتعليمي والوظيفة التذكارية في وقت واحد.

تميز المجمع بطرازه المعماري الذي يعكس ازدهار العمارة المملوكية في القرن الرابع عشر، حيث تظهر على جدرانه وزخارفه دقة الصنعة وجماليات التصميم الإسلامي، كما ضم المدرسة التي كانت مقرا لتعليم العلوم الشرعية واللغة العربية، فجمع بين رسالة العلم والعبادة في إطار معماري واحد، فيما جاء الضريح ليخلد ذكرى والدة السلطان التي أنشئ المبنى تخليدا لاسمها.

مثل هذا المجمع انعكاسا واضحا للدور الذي لعبه السلاطين المماليك في دعم الحركة العلمية والدينية بالقاهرة، فقد كان بناء المدارس والمساجد وسيلة لترسيخ الحكم وتعزيز حضور الدولة في المجتمع، كما وفر هذا النوع من المجمعات فضاء متكاملا يجمع بين التعليم والعبادة والتذكار، وهو ما يعكس مكانة الأم في الوجدان المملوكي ودورها في حياة السلاطين.

مسجد ومدرسة أم السلطان شعبان - ويكيبيديا

أدرج مسجد ومدرسة أم السلطان شعبان ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1979 باعتباره جزءا من القاهرة الإسلامية، وهو ما يؤكد قيمته التاريخية والمعمارية البارزة، كما يبرز دوره في إثراء المشهد العمراني للمدينة القديمة التي تضم مئات الآثار الإسلامية، ويعد هذا الإدراج اعترافا دوليا بأهمية الحفاظ على المبنى ضمن شبكة المواقع التي تمثل التراث الإنساني.

يشكل الموقع مقصدا لدارسي العمارة الإسلامية والسياح المهتمين بتاريخ القاهرة، حيث يستقطب الزوار لما يحمله من عناصر معمارية وزخرفية تعكس براعة البنائين والفنانين في العصر المملوكي، كما يمثل شاهدا على الروح الثقافية التي ميزت القاهرة في تلك الحقبة باعتبارها عاصمة للعلم والدين والفن، فضلا عن أنه يساهم في تعزيز مكانة الدرب الأحمر كأحد أهم الأحياء التاريخية.

أصبح مسجد ومدرسة أم السلطان شعبان جزءا لا يتجزأ من هوية القاهرة الإسلامية، فهو ليس مجرد مبنى أثري بل رمز لعصر شهد تلاقيا بين القوة السياسية والدعم الثقافي والعلمي، كما يجسد الرابط الوثيق بين مشاعر شخصية للسلطان تجاه والدته وبين مشروع معماري ضخم يظل قائما حتى اليوم، ليكشف عن صورة متكاملة للعمارة المملوكية التي امتزجت فيها الدقة والجمال والرسالة الحضارية.

المصدر: المصري اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار