يقع مسجد فخر الدين زنكي في حي حمروين بالعاصمة الصومالية مقديشو، ويُعد من أقدم المساجد في البلاد، إذ يرجع تاريخ بنائه إلى عام 1269 على يد السلطان فخر الدين زنكي، أول حكام سلطنة مقديشو، وهو أحد أبرز المعالم المعمارية التي تجسد العمارة الإسلامية في شرق أفريقيا خلال العصور الوسطى.
يمثل المسجد شاهداً مادياً على بدايات تشكيل الهوية الإسلامية للمدينة، ويعكس تمازجاً واضحاً بين الطراز المعماري الإسلامي التقليدي والتأثيرات الخارجية القادمة من شبه القارة الهندية، إذ استخدم في بنائه الرخام الهندي المستورد، ما يشير إلى ازدهار الحركة التجارية بين مقديشو والموانئ الآسيوية في تلك الفترة، ويؤكد ذلك أن المدينة كانت مركزاً مهماً في شبكة التجارة الإسلامية التي امتدت عبر المحيط الهندي.
يتخذ المسجد شكلاً معمارياً بسيطاً من الخارج، إلا أن تفاصيله الداخلية تُظهر براعة حرفية واضحة في تصميم الأقواس والأعمدة والنقوش، وقد جُهزت جدرانه وأرضياته ببعض عناصر الزخرفة والنقوش التي تعكس نمط العمارة الإسلامية التقليدية، ويُعتقد أن مئذنته كانت تستخدم كمنارة للإرشاد البحري، نظراً لقرب المسجد من الساحل، مما يضيف بعداً وظيفياً إلى البعد الديني.
ورغم التغيرات السياسية والحروب التي شهدتها مقديشو عبر القرون، ظل مسجد فخر الدين زنكي قائماً، ويواصل أداء دوره كبيت للعبادة ومركز ديني يرتاده السكان المحليون.
ويشهد محيط المسجد على التاريخ العريق للمنطقة، إذ يقع في أحد أقدم أحياء المدينة، ويحيط به عدد من الأبنية القديمة والأسواق الشعبية.
يعكس المسجد صمود المعمار الديني أمام عوامل الزمن، ويمثل مرجعاً حياً لدراسة التحولات الاجتماعية والثقافية في العاصمة الصومالية، كما أنه يُعد جزءاً من هوية مقديشو التاريخية، ويجذب اهتمام المهتمين بالتراث الإسلامي الأفريقي، والباحثين في فنون العمارة الإسلامية، ويشكل الحفاظ عليه أولوية ثقافية لما يحمله من رمزية تاريخية تمتد إلى أكثر من سبعة قرون.
المصدر: ويكيبيديا