يُعد مسجد سعد أخو ناهض، المعروف أيضًا باسم “مسجد بورسلي”، واحدًا من المساجد التراثية المميزة في منطقة الشرق بالعاصمة الكويت، وقد حظي بمكانة خاصة بين سكان المنطقة وزوارها، نظرًا لموقعه الحيوي المطل على شارع الخليج العربي، حيث يقع بالقرب من المرسم الحر، على مقربة من سوق شرق والمستشفى الأميري، ما منحه حضورًا بصريًا وروحيًا لافتًا وسط النسيج العمراني الحديث للمدينة.
شُيّد المسجد في عام 1335 هجريًا، الموافق لعام 1916 ميلاديًا، في حقبة كانت الكويت خلالها تشهد بدايات نهضتها العمرانية، وقد بُني آنذاك من مواد البناء التقليدية التي استخدمت في المنطقة، معتمدًا على الطابع المعماري المحلي المستوحى من العمارة الإسلامية الخليجية البسيطة.
وبمرور الوقت، ونتيجة للعوامل البيئية والتغيرات الحضرية، خضع المسجد لعملية تجديد أولى في عام 1373 هجريًا، الموافق 1954 ميلاديًا، شملت إصلاحات إنشائية ضرورية لحماية المرافق والمكونات الأساسية للمسجد، كما تكفّلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لاحقًا بتنفيذ تعديلات محدودة على فترات متفرقة لضمان استمرار أداء المسجد لوظيفته الدينية.
ومع ازدياد الوعي بقيمة المعالم التراثية في الكويت، تولّت الأمانة العامة للأوقاف مهمة إعادة إحياء المسجد بصورته الأصلية، حيث أُجريت عمليات ترميم دقيقة شملت البنية التحتية والمعمارية، استنادًا إلى الوثائق التاريخية والصور القديمة، بهدف استرجاع تفاصيل البناء التقليدي وإزالة الإضافات الحديثة التي غيّرت من ملامحه بمرور الزمن.
وقد حرصت الجهات المعنية خلال عملية الترميم على استخدام نفس المواد التقليدية كالطين والجص، في سبيل الحفاظ على الطابع المعماري للحقبة التي أُنشئ فيها المسجد، كما تمت مراعاة المقاييس الإنشائية القديمة في تصميم القباب والمحراب والمئذنة، بما يعكس روح العمارة الكويتية الأصيلة.
وقد أصبح المسجد بعد الترميم مثالًا حيًا على التقاء التراث مع الحداثة، حيث يشكّل نقطة جذب للمهتمين بالعمارة الإسلامية والتراث الكويتي، كما يعزز وجوده في قلب العاصمة الهوية البصرية والثقافية للمنطقة.
ولا يزال المسجد مفتوحًا أمام المصلين، يؤدي دوره الروحي والتاريخي بكل جدارة، ليظل شاهدًا على حقبة من العطاء الديني والمعماري، تسعى الكويت عبر مؤسساتها للحفاظ عليها في ظل التحديث العمراني المتسارع.
المصدر: المستودع الدعوي الرقمي