يقع مسجد النيلين في مدينة أم درمان، على الضفة الغربية لنهر النيل، في موقع يطل مباشرة على نقطة التقاء النيل الأبيض بالنيل الأزرق، وهي منطقة جغرافية ذات رمزية دينية وطبيعية في السودان.
ويعد المسجد من أبرز المعالم الإسلامية التي تجمع بين الوظيفة التعبدية والتصميم المعماري الفريد، وتم تشييده خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي، في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري، وافتُتح رسميًا عام 1984، ليبقى منذ ذلك الحين وجهة متميزة للزوار والمصلين على حد سواء.
انطلقت فكرة بناء المسجد من مشروع أكاديمي، حين قدّم الطالب قمر الدولة الطاهر تصميمًا معماريًا كجزء من أطروحته في جامعة الخرطوم، وهو التصميم الذي جذب انتباه النميري، الذي قرر تحويله إلى واقع ملموس، ليعكس بذلك تجربة فريدة في دمج التعليم الأكاديمي بالمشاريع الوطنية الكبرى.
ويمثل هذا المسجد نموذجاً للحداثة المعمارية الممزوجة بعناصر الفنون الإسلامية، حيث يتفرد بتصميمه الهندسي الذي يستوحي ملامحه من طراز إسلامي معاصر، ويتكامل شكله المهيب مع الموقع الطبيعي الذي يحتضنه.
يتسع المسجد لآلاف المصلين، ويستقبل يوميًا أعداداً متزايدة من الزوار، خاصة خلال أيام الجمعة وشهر رمضان والمناسبات الدينية، كما يستخدم في بعض الأحيان لإقامة المناسبات الوطنية الرسمية والاحتفالات الشعبية، ويعد مَعلماً رمزياً يعكس الهوية السودانية المعمارية والدينية، ويُعرف بأنه من أهم المعالم البصرية في أم درمان، نظراً لموقعه المرتفع المطل على مجرى النهر.
استُخدمت في بنائه تقنيات معمارية حديثة نسبياً، اعتمدت على الخرسانة المسلحة والأحجار المحلية، إضافة إلى عناصر زخرفية متقنة في الواجهات والنوافذ والأقواس، وقد ساهمت هذه الخصائص في تعزيز جاذبيته كموقع سياحي ثقافي، بجانب قيمته الدينية.
ويُذكر أن المسجد أصبح ضمن محطات التصوير والتوثيق الدائم لوسائل الإعلام السودانية والعربية، ويُعرض في أغلب الأعمال الوثائقية التي تتناول النيل أو معالم أم درمان.
ومنذ افتتاحه، ظل مسجد النيلين مفتوحاً أمام جميع المصلين والزوار، دون أن تطرأ عليه تغييرات كبيرة، باستثناء بعض أعمال الصيانة الروتينية، التي تهدف إلى الحفاظ على بنيته الجمالية ووظائفه الدينية، ومع غياب التوسعة الرسمية حتى الآن.
لا يزال المسجد يحتفظ بحجمه الأصلي وتصميمه، ما يجعله شاهداً حياً على فترة من تاريخ السودان السياسي والمعماري، ويجسّد العلاقة بين الإرادة السياسية والطموح الأكاديمي، حين تحوّل مشروع طالب جامعي إلى مَعلم إسلامي يحفظه الوجدان الجمعي السوداني.
المصدر: ويكيبيديا