الجمعة 1447/02/14هـ (08-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » المعالم التاريخية » مسجد الكوفة.. مركز ديني وتاريخي في قلب العراق الإسلامي

مسجد الكوفة.. مركز ديني وتاريخي في قلب العراق الإسلامي

 

يُعد مسجد الكوفة المعظم من أقدم المساجد في العالم الإسلامي ومن أبرز المعالم الدينية في العراق، إذ يمثل شاهدًا على بدايات التوسع الإسلامي وتحول الكوفة إلى مركز حضاري وديني كبير.

تأسس المسجد في عام 19 هـ/639 م على يد الصحابي سعد بن أبي وقاص، ليكون أول بناء في مدينة الكوفة التي أصبحت لاحقًا عاصمة الخلافة في عهد الإمام علي بن أبي طالب، ما منح المسجد رمزية دينية وتاريخية لدى المسلمين، خاصة أتباع المذهب الشيعي الاثني عشري.

قدسية المكان

يحظى مسجد الكوفة بمكانة مرموقة بين المساجد الإسلامية، ويأتي في المرتبة الرابعة بعد المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، من حيث التقديس عند الشيعة.

ولا تقتصر أهمية المسجد على دوره في التاريخ الإسلامي، بل يمتد أثره إلى البعد الروحي، إذ يضم في أروقته مراقد عدد من الشخصيات البارزة، أبرزهم مرقد مسلم بن عقيل، ابن عم الحسين بن علي، والذي يُعد من أشهر شهداء الكوفة.

ويعود الفضل في تأسيس المدينة والمسجد إلى رؤية استراتيجية من الخليفة عمر بن الخطاب، الذي أمر باتخاذ الكوفة دار هجرة للمسلمين بعد انتصارهم على الدولة الساسانية وسقوط المدائن.

وعندما أصيب الجنود بالحمى في الأنبار، بحث سعد بن أبي وقاص عن موقع أفضل حتى استقر رأيه على موضع الكوفة الحالي، فتم تحديد مساحة المسجد برمي أربعة سهام في اتجاهات مختلفة.

روايات التأسيس

تنقل بعض الروايات الشيعية أن جذور المسجد تعود إلى زمن نبي الله آدم، حيث كان موقعه أول مسجد وُضع على الأرض بعد البيت الحرام، ثم أعاد النبي نوح بناءه بعد الطوفان.

وفي حديث منسوب إلى الإمام جعفر الصادق، ذُكر أن نوح صنع سفينته داخل مسجد الكوفة بيده، وهو ما يعكس عمق المكانة الرمزية والتاريخية للمسجد عند المسلمين.

وقد بقي المسجد شاهدًا على عصور متعاقبة، وشهد في القرن الأول الهجري أحداثًا مفصلية، من بينها تولي الإمام علي الخلافة واتخاذه المسجد مقرًا للحكم، حيث كانت تقام فيه صلاة الجماعة وتُدار فيه شؤون الدولة. وتُذكر الكوفة دائمًا باعتبارها مسرحًا للعديد من القرارات السياسية والدينية في صدر الإسلام.

معلم معماري

يمتد المسجد على مساحة 12 ألف متر مربع، ويستوعب نحو 40 ألف مصلٍ، ويضم أربع مآذن وقبتين، وقد خضع المسجد خلال العقود الأخيرة إلى أعمال ترميم شاملة حافظت على طابعه المعماري، مع إدخال تحسينات خدمية ومعمارية تعزز وظيفته الدينية والثقافية.

ويُعتبر المسجد اليوم مقصدًا للزائرين من مختلف أنحاء العراق والعالم الإسلامي، كما يُعد محطة رئيسية في مسار الزيارات الدينية التي تشمل النجف وكربلاء.

وتواصل الأمانة العامة للمسجد تنفيذ مشروعات تهدف إلى تطوير المرافق والخدمات، مع المحافظة على الطابع التاريخي والتراثي للمكان.

وتبرز في المسجد محرابه الأثري الذي بقي محافظًا على شكله، وأروقته المتعددة التي تحيط بالساحة الواسعة، حيث تعقد حلقات الدروس الدينية، وتُقام المناسبات الدينية الكبرى، لا سيما في ذكرى استشهاد الإمام علي ومسلم بن عقيل.

يظل مسجد الكوفة واحدًا من أعرق وأهم المساجد الإسلامية، بما يجمعه من رمزية دينية، وأهمية سياسية، وعمق حضاري، كما يمثل شاهدًا حيًا على بدايات العمران الإسلامي خارج الجزيرة العربية، وعلى تطور الفكر الديني والسياسي في مراحل مبكرة من التاريخ الإسلامي.

المصدر: wikipedia

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار