يتربع مسجد السلط الصغير في قلب مدينة السلط بمحافظة البلقاء، وقد شُيد بين عامي 1906 و1907 خلال العهد العثماني ليكون أحد أبرز معالم التراث المعماري في المدينة، وتم بناؤه باستخدام الحجر الأصفر الذي يميز مباني السلط التاريخية ويمنحه مظهراً فريداً يجمع بين الجمال والبساطة، ويعكس طابع العمارة المحلية المتأثرة بالفن العثماني.
يتميز المسجد بتصميمه الأنيق والبسيط الذي يبرز الإبداع المعماري في تلك الحقبة، وتتناغم زخارفه مع الأصالة المحلية والتأثيرات الإسلامية التقليدية، مما يمنحه طابعاً خاصاً يختلف عن غيره من المباني الدينية، ويجعله شاهداً على تطور العمارة العثمانية في الأردن، كما يشكل نموذجاً للتوازن بين الجمالية والوظيفة الروحية.
خضع المسجد عبر تاريخه لعمليات ترميم متعددة هدفت إلى الحفاظ على هيكله التاريخي ورونقه الجمالي، وأسهمت هذه الجهود في إبقائه رمزاً معمارياً بارزاً للمدينة، ويعكس استمرار ترميمه حرص أبناء السلط على صون تراثهم المعماري والديني، وحمايته من عوامل الزمن، ليبقى شاهداً على العصور التي مر بها.
أدرجت اليونسكو المسجد ضمن قائمة التراث العالمي عام 2021 كجزء من إدراج مدينة السلط بعنوان “مدينة التسامح والضيافة الحضارية”، ويعزز هذا الاعتراف العالمي مكانة المسجد كرمز ثقافي وتراثي، ويؤكد على قيم التسامح والتعايش التي طالما عُرفت بها المدينة، ويمنح المسجد بعداً عالمياً يربطه بالتراث الإنساني المشترك.
يجذب مسجد السلط الصغير الزوار من مختلف أنحاء العالم بما يحمله من هدوء وجمال معماري، ويتيح للزائر فرصة للتعرف على تاريخ العبادة والتجمعات الاجتماعية في السلط، ويقدم تجربة روحية وثقافية في آن واحد، تجعل منه وجهة مميزة لكل من يهتم بالتراث الإسلامي والعمارة التقليدية.
يجسد المسجد روح التسامح التي ميزت السلط عبر العصور، فقد كان مكاناً يجتمع فيه أبناء المدينة من مختلف الخلفيات، ليعكس قيم الوحدة والتعايش السلمي، ويبرز دوره كمركز للعبادة والتواصل الاجتماعي، ويؤكد على الطابع الحضاري للمدينة التي احتضنت التنوع وجعلته جزءاً من هويتها.
يحافظ المسجد حتى اليوم على مكانته كمعلم سياحي وثقافي بارز، ويستقطب عشاق التاريخ والعمارة بفضل تفاصيله الدقيقة التي تروي قصصاً من الماضي، ويظل رمزاً للإرث الإسلامي والحضاري في المنطقة، ومقصداً للباحثين عن معالم العمارة العثمانية في بلاد الشام.
تتجلى في المسجد ملامح السلط العريقة من خلال حجارته الصفراء المتألقة التي تحمل في طياتها ذكريات العصور الماضية، وتربط بين الماضي والحاضر، ليبقى شاهداً على جمال الفن العثماني، كما يواصل المسجد إلهام الزوار بما يجسده من توازن بين الأصالة والتجديد في المدينة.
يروي مسجد السلط الصغير في كل ركن من أركانه حكاية مدينة عرفت التنوع الثقافي، ويجمع بين الروحانية والجمال المعماري في صورة متكاملة، ويظل جزءاً لا يتجزأ من هوية السلط التاريخية، ورمزاً للضيافة الحضارية التي ارتبطت باسمها عبر الأجيال.
المصدر: ويكيبيديا