يُعد مسجد الرومي من المساجد التراثية التي لا تزال قائمة في موقعها الأصلي رغم التحولات العمرانية الواسعة التي شهدتها المنطقة، حيث يقع في أقصى شرق حي المطبة من جهة الجنوب، قرب شارع الشيخ أحمد الجابر الصباح المعروف سابقًا باسم “دسمان”، وعلى مقربة من أبراج العوضي التي قامت مقام أراضٍ كانت تعرف قديمًا باسم “الياخور”، وهو الاسم المحلي الذي أُطلق على المزارع الخاصة لعائلات الكويت.
وقد أُنشئ المسجد تحديدًا بجانب ياخور السيد بشر بن يوسف بن أحمد الرومي، الذي أسهم مع جماعته من آل الرومي في بناء هذا المسجد من منطلق الحاجة الدينية والمجتمعية لأداء الصلوات اليومية، وذلك في محيط كان مأهولًا بالسكان والمزارع، ويُعد امتدادًا لنمط الحياة التقليدية التي اتسم بها المجتمع الكويتي في أوائل القرن العشرين.
وقد بدأ التفكير في بناء المسجد عندما شعر أهالي الحي بالحاجة إلى وجود مكان قريب لأداء الصلوات، خاصة بعد توسع الياخور وازدياد عدد العاملين والمقيمين فيه، فتم تخصيص جزء من الأرض من الجهة الغربية لياخور بشر الرومي لتُقام عليه شعائر الإسلام، وعندما علمت إحدى نساء الحي بالمبادرة، سارعت بالتبرع من حر مالها، لتساهم في إنجاز المشروع الخيري، في صورة من صور التكافل الاجتماعي الذي عُرف به الكويتيون.
وتشير سجلات إدارة الأوقاف إلى أن تأسيس المسجد يعود إلى عام 1333هـ الموافق 1914م، بينما تُرجع بعض السجلات الأخرى تاريخ التأسيس إلى عام 1920، ما يعكس قدم هذا المسجد وأصالته في وجدان المنطقة.
وقد شُيّد المسجد في البداية باستخدام مواد البناء التقليدية مثل الطين والحجارة المحلية، وخشب الجندل، ثم أعيد تجديده في فترات لاحقة من قبل إدارة الأوقاف العامة، التي أدخلت تعديلات حديثة على بعض مكوناته، أبرزها تغطية الحوائط الخارجية بالطابوق الجيري وتظليل فناء المسجد بألواح معدنية لحماية المصلين من عوامل الطقس.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمسجد حوالي 665 مترًا مربعًا، تتوزع على عدة مرافق منها الحرم بمساحة 276 مترًا، والفناء بمساحة 224 مترًا، والليوان وغرفة الإمام والمئذنة ودورات المياه والمخزن وغيرها من المرافق التي تكفل أداء العبادات براحة وتنظيم.
ورغم اندثار المنازل القديمة المحيطة به وبقاءه وحيدًا بين الأبراج الحديثة، ما زال مسجد الرومي يؤدي رسالته الدينية والروحية في صمت، كواحد من معالم الكويت التي تحكي حكاية حي كامل لم يتبقَ منه سوى هذا المسجد، يقف شاهدًا على تاريخ المكان وسكانه، وعلى روح المبادرة التي جمعت بين عائلة الرومي وسكان الحي، لتكون النتيجة بيتًا من بيوت الله ظل صامدًا لأكثر من قرن.
المصدر: الراي