يُعد مسجد الحامدية الشاذلية من أبرز المعالم الدينية والخدمية بمحافظة الجيزة، حيث يقع في قلب حي المهندسين ويشكّل مركزًا شاملاً يجمع بين العبادة والتعليم والخدمات الاجتماعية والصحية.
ويتميز المسجد، الذي يُعرف أيضًا بالمجمع الإسلامي، بتصميم معماري فريد يدمج بين الزخارف المملوكية والأندلسية والفاطمية، ما يمنحه طابعًا فنيًا وثقافيًا يجعله أشبه بمتحف معماري مفتوح.
تم تشييد المجمع ليكون واحدًا من أكبر المساجد في مصر، سواء من حيث المساحة أو التنوّع الوظيفي، إذ يحتوي على عدد من المرافق التي تخدم آلاف الأشخاص من مختلف الفئات يوميًا، ويضم مئذنة تُعد من أعلى المآذن في القاهرة، ما يضفي عليه طابعًا بصريًا مميزًا في محيطه الحضري.
يتسع الجامع الرئيس لأكثر من 5000 مصلٍ، كما خُصصت مساحة مستقلة للنساء تتسع لما يقرب من 1200 مصلية، ما يجعل المسجد قادرًا على استيعاب أعداد كبيرة خلال أوقات الذروة في الصلوات، والمناسبات الدينية كشهر رمضان والعيدين.
لا يقتصر دور المجمع على العبادة، بل يتعداه إلى الجانب التعليمي، من خلال حلقات تحفيظ القرآن اليومية، التي تشمل الأطفال والكبار، حيث يتعلم المشاركون قراءة وتجويد القرآن الكريم على يد متخصصين، مما يحفظ استمرارية الثقافة القرآنية في الأجيال الجديدة.
كما يضم المجمع قاعات مناسبات على مستوى عالٍ من التنظيم والخدمة، وهي مخصصة لاستقبال المئات في المناسبات الاجتماعية والدينية، القاعة الأولى تتسع لنحو 300 رجل و150 امرأة، في حين تستوعب القاعة الثانية ما يقرب من 250 رجلًا و150 امرأة، ما يجعلها مؤهلة لاستضافة الفعاليات المجتمعية بشكل منتظم.
وفي الجانب الثقافي، أسست إدارة المسجد “مكتبة الحامدية الشاذلية”، التي تحتوي على مجموعة متنوعة من الكتب الدينية المتخصصة في الفقه، والحديث، والتفسير، والسيرة النبوية، وهي متاحة للباحثين والقراء من المهتمين بالشؤون الإسلامية.
من جهة أخرى، يضم المجمع “مدرسة الروضة الحامدية الشاذلية”، وهي مؤسسة تعليمية خاصة تقدم التعليم الإسلامي واللغوي في مراحل رياض الأطفال، والابتدائي، والإعدادي، وتتيح المدرسة بيئة تعليمية تجمع بين المنهج الأكاديمي الحديث والقيم الإسلامية، ما يلبي احتياجات سكان المنطقة الراغبين في تعليم متوازن لأبنائهم.
أما على المستوى الصحي، فقد أُنشئت داخل المجمع “عيادات الحامدية الشاذلية”، والتي تشمل 15 عيادة متخصصة تقدم خدماتها بأسعار رمزية لا تتجاوز 10 جنيهات للمرضى، وتتضمن وحدات للأشعة والتحاليل، وغرف عناية مركزة مجهزة للحالات الحرجة، إضافة إلى مركز متكامل لغسيل الكلى يقدم خدماته مجانًا لغير القادرين.
ويحتوي المجمع أيضًا على سيارة إسعاف حديثة مزوّدة بأجهزة تنفس صناعي وعناية مركزة للكبار والرضع، إضافة إلى وحدة أطفال مبتسرين متنقلة تقدم خدماتها بأسعار رمزية، مما يُظهر الدور المجتمعي والصحي الذي يلعبه المسجد في المنطقة.
كما يقدّم المجمع خدمات اجتماعية تشمل سيارة نقل موتى، وخدمة تجهيز الجثمان، والغُسل، وتوفير ملابس الكفن، وهي خدمات مجانية أو منخفضة التكلفة تُقدم بمهنية وإنسانية، خاصة للأسر محدودة الدخل.
ويُعرف المجمع أيضًا بإقامته واحدة من أكبر موائد الرحمن في مصر خلال شهر رمضان، تحت اسم “ترابيزة الرحمن”، حيث توفّر يوميًا وجبات إفطار لآلاف الصائمين من مختلف الفئات، في مشهد يومي يتكرر على مدار الشهر الكريم ويُجسّد روح التكافل المجتمعي.
مسجد الحامدية الشاذلية لم يعد مجرد مكان للصلاة، بل تحوّل إلى نموذج متكامل للمؤسسة الدينية المجتمعية التي تجمع بين الروحانية والخدمة العامة، ليواصل أداء دوره في خدمة الدين والمجتمع، ويعزز حضوره بوصفه مركزًا حيًا يتفاعل يوميًا مع الناس ويخدم احتياجاتهم على أكثر من مستوى.
المصدر: wikipedia