تحتفظ محافظة الفروانية في الكويت بعدد من المساجد التراثية التي لا تزال قائمة كشواهد على مراحل مختلفة من تطور العمران الديني والاجتماعي في البلاد، وتعكس تلك المساجد الطابع البسيط والروحي الذي اتسمت به العمارة الكويتية قديماً.
وتضم المنطقة خمسة مساجد تراثية تتوزع بين منطقتي الفروانية وخيطان، ثلاثة منها تقع في الفروانية، وهي مسجد علي فهد الدويلة، ومسجد نابي الدويلة، ومسجد نزال الرشيدي، في حين يقع في خيطان كل من مسجد يوسف عبد الهادي الميلم، ومسجد محمد بن هجاج الذي جرى تجديده في وقت سابق.
ففي عام 1946، اختار الحاج علي فهد الدويلة أن يبني مسجدًا في منطقة الفروانية خلف عمارات العربيد في قطعة 34، وقد كان المسجد في بدايته بسيط البناء، مشيدًا من الطين وعروق الأشجار، وسقفه مصنوع من خشب الصاج، ويتسع لثلاثة صفوف فقط، ليخدم سكان الحي آنذاك، وفي 7 أكتوبر 1955، قامت دائرة الأوقاف بإعادة بناء المسجد، لتمنحه شكلاً أكثر ثباتاً واستقراراً، مع الاحتفاظ بروحه الأولى.
أما مسجد نابي الدويلة، فقد أُنشئ عام 1956 على أرض قدمها الحاج نابي زايد الدويلة، وقام ببنائه الحاج محمد السعيدان، وكان ذلك في وقت بدأت فيه المنطقة بالتمدد العمراني وازداد عدد الأسر الكويتية المقيمة فيها، ما استدعى بناء مسجد يخدم المجتمع الناشئ، وقد بُني باستخدام نفس المواد التقليدية من الطين والعروق، في حين استُخدم خشب الصاج في تغطية السقف.
ويُعد المسجد صغير المساحة نسبيًا، حيث يتسع حرم الصلاة لصفين فقط، ويُقدَّر إجمالي مساحة البناء بنحو 286 مترًا مربعًا، وقد مر بتجديدين رئيسيين: الأول على يد الحاج علي الدويلة في الستينيات، شمل إدخال الليوان وتوسعة حجرات المؤذن، والثاني في الثمانينيات بمساهمة من أهالي المنطقة، جرى خلاله تغطية أجزاء من الحوش وتحسين المرافق.
وفي قلب الفروانية أيضًا، يقع مسجد نزال الرشيدي في قطعة رقم 4 على شارع 116، وقد أسسه الملا نزال المعصب الرشيدي في عام 1950 عقب انتقاله من حي القبلة إلى المنطقة الجديدة، فبنى المسجد وسط حديقة صغيرة تخدم المصلين وتمنح الموقع طابعًا جماليًا وروحيًا معًا.
أما في منطقة خيطان، فيقع مسجد يوسف عبد الهادي الميلم على شارع 73، وقد تم بناؤه في 2 فبراير 1956 بمشاركة دائرة الأوقاف، التي ساهمت بمبلغ 40,535 روبية لتغطية التكاليف، ويتميز بمساحة إجمالية تقارب 854 مترًا مربعًا تتوزع بين الحرم الرئيسي، والليوان، ومصلى النساء، وغرفة الحارس، وساحة المسجد، ومرافق الوضوء، ويصل ارتفاع منارته إلى نحو 15 مترًا، ما يضفي على المبنى حضورًا بصريًا مميزًا.
تجمع هذه المساجد بين التواضع في مواد البناء والثراء في القيمة الرمزية والدينية، إذ تعكس في مجموعها طبيعة المجتمع الكويتي في منتصف القرن العشرين، عندما كان بناء المسجد يتم بجهود الأهالي وتبرعات المحسنين، ليكون مركزًا روحانيًا يعكس الترابط الاجتماعي والانتماء للحي.
المصدر: الراي
