الأثنين 1447/05/12هـ (03-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » المعالم التاريخية » مدينة صور اللبنانية تراث عريق وتاريخ حضاري متواصل

مدينة صور اللبنانية تراث عريق وتاريخ حضاري متواصل

تأسست مدينة صور في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وبرزت كواحدة من أهم الحواضر الفينيقية، وتعد اليوم رابع أكبر مدينة لبنانية، وتمتد على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتبعد نحو 83 كيلومتراً جنوب بيروت، وترتفع عن سطح البحر حوالي 10 أمتار، وتمتد مساحتها نحو 6.75 كيلومتر مربع.

يحصر موقع المدينة بين قضاء صيدا-الزهراني من الشمال، وقضاء بنت جبيل من الشرق، والحدود الفلسطينية من الجنوب، والبحر الأبيض المتوسط من الغرب، ويشير اسم المدينة “صور” إلى الجذر الفينيقي “صُر” أي الصخرة، وذُكر اسمها في رسائل تل العمارنة المصرية باسم “سورّو”، وفي النقوش الآشورية باسم “سور”.

وصلت صور إلى عصرها الذهبي في القرن العاشر قبل الميلاد تحت حكم الملك حيرام الأول، الذي وسّع المدينة وطوّر بنيتها التحتية، وربط الجزر المحيطة بها بالشاطئ، وبرزت كمركز تجارة بحرية أسست من خلاله مستعمرات في البحر الأبيض المتوسط، أبرزها قرطاج التي أسستها الأميرة الفينيقية إليسار، وتعرضت المدينة لاحقاً لغزوات الحصار الآشوري والبابلي، واحتلها الإسكندر الأكبر بعد حصار استمر سبعة أشهر عام 332 قبل الميلاد.

Tyre, Lebanon.

استمرت صور في الازدهار خلال الفتح الإسلامي تحت الحكم الأموي والعباسي، قبل أن يحتلها الصليبيون عام 1124م، ثم عادت للسيطرة المملوكية عام 1291م، ودخلت الدولة العثمانية بداية القرن السادس عشر بعد معركة مرج دابق، وبقيت مدينة ساحلية صغيرة نسبياً، لتصبح لاحقاً جزءاً من دولة لبنان التي أسسها الفرنسيون عام 1920.

ساهم الاقتصاد البحري في تطور المدينة وازدهارها، وبرزت صناعاتها اليدوية الفاخرة مثل الأرجوان المستخرج من أصداف الموريكس البحرية، والزجاج الشفاف، والنسيج، والأعمال الحرة، وجذبت التجارة المرسلة إلى مصر وبلاد ما بين النهرين اهتمام التجار في العصور القديمة، وأصبحت صور مركزاً تجارياً دولياً على البحر المتوسط.

تضم صور عدداً من المعالم الأثرية التي تعكس الحضارات المتعاقبة عليها، ومنها الآثار الرومانية والبيزنطية التي تحتوي على مجمعات سكنية وحمامات عامة ومجمعات رياضية، إضافة إلى شوارع مرصوفة بالفسيفساء، والعثور على بقايا مرفأ فينيقي قديم، ويبرز الهيبودروم الروماني الذي يعد ثاني أكبر ميدان سباق عربات في العالم القديم، بطول 480 متراً وقدرة استيعابية لنحو 30 ألف مشاهد.

تحتوي المدينة أيضاً على كاتدرائية صور الصليبية التي شُيدت باستخدام أعمدة الغرانيت الأحمر والحجارة الرومانية، كما تمتد محمية شاطئ صور الطبيعية على مساحة 3.8 كيلومتر مربع، وتجمع بين الكثبان الرملية والشاطئ البحري وبساتين الحمضيات، وتعد من أكبر الشواطئ الرملية في لبنان ومناطق الجذب السياحي الأساسية، لتظل صور مدينة تجمع بين التاريخ والحضارة والطبيعة الساحرة.

المصدر: الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار