مدينة صور الفينيقية تراث عالمي يحفظ الذاكرة والتاريخ
أُدرجت مدينة صور الواقعة جنوب لبنان ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي منذ عام 1984 لما تحمله من أهمية حضارية وتاريخية ارتبطت بنشأة التجارة البحرية والثقافة الفينيقية القديمة، حيث شكلت هذه المدينة الساحلية مركزاً مهماً في البحر الأبيض المتوسط، وتميزت بدورها في التبادل الثقافي والاقتصادي عبر العصور، مما جعلها محطة رئيسية في مسار الحضارات القديمة.
وتزعم روايات قديمة أن مدينة صور كانت مهد الصبغة الأرجوانية التي اشتهرت بها الحضارة الفينيقية، إذ تشير الأساطير إلى أن الفينيقيين استخرجوا هذا اللون النادر من أصداف بحرية خاصة، مما منح المدينة شهرة عالمية وميز منتجاتها في الأسواق القديمة، كما ارتبط اسمها بشخصيات أسطورية بارزة مثل الأميرة أوروبا والملكة ديدو، وهو ما يدل على مكانتها الرمزية في المخيلة الأدبية والتاريخية لشعوب البحر المتوسط.
وتُعد صور من كبرى مدن لبنان من حيث المساحة وعدد السكان، وتضم واحداً من أقدم الموانئ التجارية في المنطقة، ما أكسبها أهمية اقتصادية مستمرة منذ العصور القديمة وحتى اليوم، ويُشكل قطاع السياحة أحد أهم مكونات اقتصاد المدينة، إذ يتوافد الزوار على مدار العام للاستمتاع بالمواقع الأثرية والشواطئ الطبيعية التي تمتد على طول الساحل الجنوبي اللبناني.
ويُشكل التراث الأثري نقطة الجذب الأساسية، حيث تحتوي المدينة على مجموعة من المعالم التي تعود إلى فترات مختلفة، من بينها الحمامات الرومانية الواسعة التي تعكس هندسة متقدمة في التصميم والخدمة العامة، والساحة الرومانية التي كانت مركزاً للحياة السياسية والاجتماعية، والأسوار القديمة التي بنتها الحملات الصليبية، إضافة إلى الكاتدرائية التي شيدها البنادقة في القرن الثاني عشر والتي تجمع بين الطراز الغربي والعناصر المعمارية الشرقية.
وتشهد المدينة جهوداً متواصلة لحماية هذه المواقع من التآكل والإهمال، بالتعاون بين الجهات المحلية واليونسكو، حيث تُنظم حملات ترميم وتوثيق منتظمة، إلى جانب خطط تنموية تهدف إلى التوفيق بين الحاجة للحفاظ على الإرث الثقافي ومتطلبات التنمية السياحية والاقتصادية.
كما تساهم المهرجانات الثقافية والفعاليات التراثية في تعزيز الوعي المحلي بأهمية الحفاظ على هذا التراث، ودعم هوية المدينة كواحدة من أقدم الحواضر الساحلية في العالم.
المصدر: اليونسكو