السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » مادي » المعالم التاريخية » مدينة ثلاء التاريخية تحتفظ بتراث معماري يمني أصيل

مدينة ثلاء التاريخية تحتفظ بتراث معماري يمني أصيل

تقع مدينة ثلاء التاريخية في محافظة عمران شمال غرب صنعاء، وتعد من أبرز المدن القديمة في اليمن التي تعكس مزيجًا من العمارة الدفاعية والتاريخية، إذ تعود أصولها إلى مملكة حمير بينما تشير الطبقات الأثرية السفلى إلى ارتباطها بمملكة سبأ، وقد أسهم موقعها المرتفع على ربوة في منحها أهمية دفاعية كبيرة جعلت منها حصنًا طبيعيًا محاطًا بالأسوار والأبراج.

تحافظ المدينة على معالمها التاريخية حتى اليوم، حيث ما زالت أسوارها قائمة وتحيط بها أبراج مراقبة تشهد على قيمتها الحربية في العصور الماضية، كما تضم بداخلها سوقًا قديمًا يعكس طبيعة الحياة التجارية التي ازدهرت عبر القرون، إلى جانب حمامات عامة شكلت جزءًا من المرافق المدنية التي استفاد منها السكان، الأمر الذي يجعلها نموذجًا متكاملًا لمدينة يمنية متماسكة في بنيتها ووظيفتها.

مدينة ثلاء - ويكيبيديا

يبرز حصن ثلاء كأحد أهم معالم المدينة، وهو قلعة منيعة شُيدت خلال فترة مملكة حمير، وتمثل اليوم رمزًا للصلابة والقدرة على مقاومة الغزوات، ويُعتبر من أشهر القلاع التاريخية في اليمن لما يتميز به من تحصينات معمارية متقنة، بينما تنتشر في المدينة منازل حجرية متعددة الطوابق صُممت بأسلوب معماري يمني تقليدي يعكس مهارة البناء وخصوصية النسيج العمراني.

لم تقتصر أهمية ثلاء على الجانب العسكري والمعماري، بل شملت أيضًا منشآت مائية متطورة مثل البرك المخصصة لتجميع مياه الأمطار، ومن أبرزها بحيرة وادي السيل التي مثلت موردًا أساسيًا للحياة اليومية في المدينة، كما ساعدت هذه المنشآت على تعزيز استقرار المجتمع المحلي وديمومته في مواجهة الظروف الطبيعية المتغيرة.

تم إدراج مدينة ثلاء التاريخية في القائمة الإرشادية المؤقتة لمواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو عام 2002، مما يعكس قيمتها العالمية كأحد الشواهد على الحضارات اليمنية القديمة، ويؤكد على ضرورة حمايتها والحفاظ عليها من التدهور، حيث يشكل هذا الإدراج اعترافًا دوليًا بأهمية الموقع ودوره في التاريخ الإنساني.

سبتمبر نت - (مدينة ثلاء التاريخية)

تُظهر ثلاء بتفاصيلها العمرانية والأسوار التي تحيط بها والطرقات الضيقة التي تفصل بين منازلها، صورة متكاملة لمدينة تاريخية عاشت أجيالًا متعاقبة وما زالت حتى اليوم تمثل ذاكرة حية للتراث اليمني، فهي ليست مجرد موقع أثري بل فضاء نابض بالحياة يعكس امتداد حضاري طويل.

تظل مدينة ثلاء شاهدًا على إبداع الإنسان اليمني في العمارة والدفاع والتخطيط الحضري، وتبرز كواحدة من أهم المدن التي تحتضن ذاكرة الماضي وتؤكد على غنى اليمن بتاريخ ضارب في القدم، وهو ما يجعلها وجهة بارزة للباحثين في التاريخ والآثار، ومكانًا يستحق الاهتمام في سياق الجهود الرامية لحماية التراث الثقافي العالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار