الثلاثاء 1447/03/17هـ (09-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » المعالم التاريخية » مدينة الموصل القديمة.. شاهد حي على عظمة الفن المعماري في العراق

مدينة الموصل القديمة.. شاهد حي على عظمة الفن المعماري في العراق

شهدت مدينة الموصل العراقية، التي تعد كبرى مدن شمال البلاد وعاصمة محافظة نينوى، اهتماماً متزايداً بعد إدراجها على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت مسمى “مدينة الموصل القديمة”، حيث يمثل هذا الإدراج خطوة نحو الاعتراف الدولي بقيمة المدينة التاريخية التي ارتبطت منذ نشأتها بالحضارات الكبرى في المنطقة، إذ تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة مقابل مدينة نينوى الآشورية القديمة، وهو ما منحها منذ البداية موقعاً استراتيجياً جعلها نقطة تواصل بين الشمال والجنوب ومركزاً للتجارة والسياسة والدين.

تعود جذور الموصل إلى الألفية الأولى قبل الميلاد خلال الحقبة الآشورية، ثم اكتسبت بعداً جديداً مع دخولها ضمن الإمبراطورية السلوقية بعد وصول الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، وقد واصلت المدينة دورها كمركز حضاري مهم مع مرور القرون، إلى أن دخلها العرب المسلمون بقيادة ربعي بن الأفكل العنزي عام 637 ميلادية عقب انتصار المسلمين على الفرس الساسانيين في معركة القادسية، وهو الحدث الذي غيّر مسار تاريخها وفتح أمامها مرحلة جديدة من التفاعل مع الثقافة العربية الإسلامية.

"داعش" يدمر مدينة نمرود الأثرية في الموصل بالجرافات

عرفت الموصل ازدهاراً واسعاً خلال القرن الثاني عشر الميلادي حين خضعت لحكم الأسرة الزنكية التي جعلت منها واحدة من أبرز مراكز العالم الإسلامي آنذاك، حيث شيدت المساجد والمدارس والزوايا، وبرزت طبقة معمارية متميزة لا تزال بعض آثارها قائمة حتى اليوم، وتعكس تلك الفترة قوة المدينة السياسية والعسكرية ومكانتها كمركز إشعاع علمي وثقافي، وقد شكل القرنان الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين ذروة العمران والفن المعماري في الموصل القديمة.

يمثل إدراج المدينة في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو بداية الطريق نحو حمايتها وإعادة الاعتبار لمكانتها، خاصة بعد ما تعرضت له من دمار خلال السنوات الأخيرة، إذ تسعى الجهود الحالية إلى إعادة إحياء ما تبقى من تراثها العمراني والمعماري، وإعادة ترميم المآذن والأسواق والبيوت التاريخية التي كانت تشكل نسيجها الفريد، كما يهدف الاعتراف الدولي إلى جذب اهتمام العالم بضرورة الحفاظ على هذا التراث الذي يعكس مراحل متعددة من التاريخ الإنساني.

يوفر هذا الإدراج فرصة لتعزيز التعاون بين العراق والمجتمع الدولي لإعادة بناء الموصل القديمة على أسس علمية مدروسة، كما يفتح المجال أمام مشاريع تنمية سياحية وثقافية تسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل لسكان المدينة، وتؤكد الخطوة أيضاً التزام العراق بحماية إرثه الحضاري باعتباره جزءاً من الذاكرة الإنسانية المشتركة، وهو ما يجعل من الموصل شاهداً حياً على قدرة المدن العريقة على النهوض من جديد رغم ما تواجهه من تحديات وصعوبات.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار