تقع مدينة الرقة على ضفاف نهر الفرات في شرق سوريا، وتعود أصولها إلى العهد الهيلينستي في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث كانت تُعرف باسم كالينيكوس، ثم تطورت لتصبح مركزًا حضاريًا مهمًا في العصور الإسلامية، وخاصة في العصر العباسي حين بنا الخليفة المنصور في عام 772 م مدينة الرافقة كعاصمة صيفية.
تم تصميم الرافقة على شكل حدوة فرس، مستلهمة من الطراز المعماري لبغداد، وسرعان ما اندمجت مع الرقة القديمة، لتصبح مدينة موحدة تعكس الفخامة والتخطيط الحضري العباسي، واتخذ الخليفة هارون الرشيد الرقة عاصمة للدولة بين 796 و809 م، مما أكسبها مكانة سياسية وثقافية مهمة في التاريخ الإسلامي.
تضم الرقة العديد من المعالم الأثرية، من بينها قلعة جعبر التي تطل على نهر الفرات، وتعتبر من أبرز القلاع التاريخية التي تحمي المدينة، وأسوار المدينة القديمة التي كانت تحيط بها وتوفر لها الحماية، إضافة إلى باب بغداد الذي كان المدخل الرئيسي لها في العصور الوسطى، والجامع العتيق الذي يمثل إرثًا دينيًا هامًا في المدينة.
تحوي المدينة أيضًا مواقع أثرية متعددة مثل الرصافة التي تحتوي على آثار رومانية وإسلامية، وقصر هرقلة الذي يعكس فنون الهندسة المعمارية القديمة، وتضم المتاحف المحلية قطعًا أثرية من الحضارات المتعاقبة التي مرت على المدينة، بينما تل الخويرة وتل حلاوة وتل حمام التركمان زلبا تشكل مواقع أثرية هامة تستقطب الباحثين وعشاق التاريخ.
تراث الرقة لا يقتصر على المعالم الأثرية فحسب، بل يمتد إلى العادات والتقاليد التي تتميز بها، مثل احتفال السكارات حيث تغلق النساء مجرى النهر لإرواء الأراضي الزراعية، وتقنيات السدو في نسج بيت الشعر التي تشكل جزءًا من الهوية الثقافية للمدينة. كما تنتشر أكلات شعبية تقليدية مثل السياييل والثريد، التي تبرز مهارة الطهي المحلية وتاريخ الأطعمة الشعبية.
تحتفظ الرقة بتاريخ غني يعود إلى العهد الآشوري، وازدهرت بشكل خاص في العصر العباسي لتصبح مركزًا تجاريًا وثقافيًا، لكنها تعرضت لأضرار جسيمة في النزاعات المسلحة الأخيرة، مما أثر على بنيتها التحتية وتراثها، وتعمل المدينة الآن على إعادة إعمار ما دمرته الحروب، بهدف استعادة مكانتها التاريخية والثقافية.
يُعد إدراج الرقة في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت اسم “الرقة- الرافقة: المدينة العباسية” اعترافًا بأهميتها التاريخية وتراثها الثقافي الغني، وهو ما يعزز فرص حمايتها والحفاظ عليها للأجيال القادمة، ويبرز دورها في تاريخ المنطقة والعالم الإسلامي.
المصدر: اليونسكو