سجّلت منظمة اليونسكو موقع مازاكان البرتغالية، المعروفة اليوم باسم مدينة الجديدة، ضمن قائمة التراث العالمي منذ عام 2004 ، ويعكس هذا التصنيف القيمة الثقافية والتاريخية للمدينة التي تحتفظ بملامح فريدة من العمارة البرتغالية والمغربية التي تداخلت منذ القرن السادس عشر حتى اليوم.
شكّلت مازاكان مستعمرة برتغالية محصّنة تطل على المحيط الأطلسي ، حيث أنشأ البرتغاليون في القرن السادس عشر منشآت دفاعية شملت أبراجًا وأسطح مراقبة وأسوارًا حجرية تمثل نموذجًا متكاملًا للهندسة العسكرية لعصر النهضة ، واستمر وجودهم حتى استعاد المغاربة السيطرة على المدينة عام 1769.
برزت المدينة القديمة كمركز حضري يعكس التفاعل الثقافي بين حضارتين ، فقد حافظت على تخطيطها المعماري الأصلي الذي يشمل شوارع ضيقة ومبانٍ من الطراز القوطي المتأخر المعروف بالأسلوب المانويليني ، وهي ملامح واضحة في كنيسة العذراء التي تعود إلى بدايات الاستيطان البرتغالي.
تميّزت المدينة بصهريجها البرتغالي الذي يُعد من أبرز معالمها التاريخية ، ويعود هذا الخزان الضخم للقرن السادس عشر ، ويتميّز بسقفه المقبب وأعمدته المتوازية التي تعكس براعة البناء في العصور الوسطى ، كما يحتفظ الصهريج بأهميته الجمالية ويُستخدم اليوم في العروض الثقافية والتصوير السينمائي.
تُعد كنيسة العذراء من المباني القليلة التي لا تزال قائمة من فترة الاستعمار البرتغالي ، وهي تُظهر خصائص معمارية فنية دقيقة وتُعتبر شاهدًا على أسلوب البناء القوطي الذي تم نقله إلى شمال أفريقيا ، كما تندمج تفاصيلها مع عناصر مغربية أضيفت لاحقًا بعد استعادة المدينة.
استقطبت المدينة آلاف الزوار بفضل طبيعتها الساحلية وتاريخها المتجذر في التبادل التجاري والثقافي بين أوروبا والمغرب ، ويحرص الزوار على استكشاف المدينة العتيقة ومعالمها المعمارية التي تعكس التداخل الفريد بين ثقافتين امتزجتا في المكان ذاته.
احتفظت الجديدة بمكانتها كمركز للتبادل الثقافي بفضل احتضانها لأنشطة فنية ومهرجانات تراثية ومبادرات بحثية تهتم بإعادة توثيق التاريخ المحلي ، وتساهم هذه الفعاليات في تعزيز الوعي بقيمة المدينة وتعزيز موقعها في خارطة التراث الثقافي العالمي.
تواصل السلطات المغربية جهودها لترميم المعالم الأثرية في المدينة وصون الموروث المعماري من التدهور ، حيث تنفَّذ مشاريع حماية تهدف إلى الحفاظ على أصالة مازاكان القديمة ، وتحويلها إلى فضاء تربوي وثقافي يستفيد منه الزوار والباحثون والمهتمون بالتراث التاريخي.
المصدر: اليونسكو