الأربعاء 1447/03/11هـ (03-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المغرب » مرئي » المعالم التاريخية » مدرسة ابن يوسف.. رمز تراثي فريد لمسيرة التعليم والدين في المغرب

مدرسة ابن يوسف.. رمز تراثي فريد لمسيرة التعليم والدين في المغرب

تمثل مدرسة ابن يوسف في مدينة مراكش أحد أبرز المعالم التاريخية التي ارتبطت بالعلم والدين والثقافة، إذ تعود نشأتها الأولى إلى مدرسة قديمة في عهد بني مرين، قبل أن يعاد تشييدها بصورتها الحالية بين عامي 1564 و1565 ميلادية على يد السلطان السعدي أبو محمد عبد الله الغالب بالله، الذي أولى التعليم الديني مكانة خاصة ضمن مشاريعه العمرانية.

اكتشاف الجمال المعماري لمدرسة بن يوسف بمراكش

المدرسة حملت اسم مسجد بن يوسف المجاور لها، لتشكل مع هذا المسجد مركزاً متكاملاً يجمع بين العبادة والتعليم، حيث استقبلت على مدى قرون طويلة طلبة من مختلف أنحاء المغرب والمغرب العربي، وتخصصت في تدريس العلوم الشرعية واللغة العربية وعلوم القرآن، وهو ما جعلها رمزاً بارزاً للحياة الفكرية والدينية في مراكش.

تتميز المدرسة بتصميمها المعماري الذي يعكس الطابع السعدي، حيث جُهزت بفناء واسع محاط بغرف صغيرة كانت مخصصة لإقامة الطلبة، كما زخرفت جدرانها بالخشب المنقوش والجص المزخرف والبلاط الملون، مما جعلها تحفة فنية إلى جانب دورها العلمي، ويعتبر هذا الجمع بين البعد الجمالي والوظيفة التعليمية من أبرز ما يميزها عن غيرها من المدارس التاريخية.

مع مرور الزمن واصل صرح ابن يوسف أداء دوره التعليمي، قبل أن تتحول إلى موقع تراثي وسياحي يقصده الزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث أصبحت مثالاً حياً على ازدهار العمارة الإسلامية في المغرب، كما تمثل شاهداً على اهتمام السلاطين السعديين بترسيخ أسس التعليم الديني وتنظيم الحياة العلمية داخل المدينة.

Tripadvisor - Medersa Ben Youssef - صورة لـ مدرسة ابن يوسف (مراكش)

في عام 1985 أدرجت مدرسة ابن يوسف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو كجزء من مدينة مراكش، وهو ما منحها مكانة عالمية باعتبارها أحد المواقع التي تجسد ثراء التاريخ المغربي، وتكشف ملامح حقبة ازدهرت فيها العلوم والفنون، كما يعكس هذا التصنيف الدولي حرص المغرب على صون تراثه الثقافي وحمايته للأجيال القادمة.

المدرسة اليوم تستقبل آلاف السياح والباحثين والمهتمين بالعمارة الإسلامية، حيث يقفون على تفاصيلها الهندسية الدقيقة، ويستعيدون عبر جدرانها ونقوشها مشاهد من تاريخ طويل عاشته مراكش كمدينة للعلم والدين، كما أنها تشكل جزءاً لا يتجزأ من النسيج التاريخي الذي جعل المدينة توصف بأنها قلب نابض للحضارة المغربية.

مدرسة ابن يوسف إذن ليست مجرد معلم أثري، بل هي رمز لمسيرة التعليم والدين في المغرب، وصورة تعكس التقاء العمارة بالفكر، والتاريخ بالهوية، لتظل شاهدة على عظمة الماضي وحاضرة بقوة في الذاكرة الثقافية للمملكة.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار