تشكل محمية رأس محمد واحدة من أبرز المحميات الطبيعية في مصر، حيث تقع في أقصى جنوب سيناء عند نقطة التقاء خليجي السويس والعقبة، وتمثل هذه البقعة الفريدة ملتقى بين الطبيعة البرية والبحرية بما تحمله من تنوع بيئي غني، فقد تميزت المنطقة بمناخها شديد الجفاف الذي أوجد بدوره بيئات متعددة تضم كائنات برية ونباتية متكيفة مع هذه الظروف، كما تمتد شواطئها لتكشف عن كنوز بحرية جعلت منها مقصداً للسياح والباحثين من مختلف أنحاء العالم.
اكتسبت المحمية شهرتها العالمية بفضل النظام البيئي للشعاب المرجانية الذي يعد من أبرز مظاهرها الطبيعية، إذ تحتوي مياهها على تشكيلات مرجانية غنية تحتضن أنواعاً متعددة من الأسماك والكائنات البحرية، وقد شكل ذلك بيئة متوازنة تسهم في حفظ التنوع البيولوجي البحري، إضافة إلى وجود مواقع جيولوجية وشعاب مرجانية أحفورية تكشف عن تاريخ طويل من التحولات الطبيعية التي شهدتها المنطقة على مدى آلاف السنين.
تمثل المحمية أيضاً موطناً للعديد من الطيور المهاجرة التي تمر عبر مساراتها أثناء مواسم الهجرة، وهو ما يعزز أهميتها بوصفها محطة طبيعية استراتيجية في شبكة الحياة البرية العالمية، كما تحتضن أنواعاً نادرة من الكائنات التي وجدت في تضاريسها الصخرية وبيئتها الجافة مأوى ملائماً لبقائها، الأمر الذي جعل رأس محمد نموذجاً متكاملاً للتنوع البيئي البري والبحري.
أدرجت محمية رأس محمد في القائمة الإرشادية لليونسكو عام 2002 ضمن المواقع المرشحة للحصول على الاعتراف العالمي، وهو ما يعكس قيمتها الطبيعية والبيئية على المستويين المحلي والدولي، كما يعبر عن الجهود المبذولة لحمايتها من التهديدات المرتبطة بالأنشطة البشرية والتغيرات المناخية التي قد تؤثر على أنظمتها البيئية الحساسة، وبذلك تظل المحمية موقعاً تتجه الأنظار إلى الحفاظ عليه وتطويره بما يضمن استدامة موارده.
تحولت المحمية إلى وجهة سياحية بارزة يقصدها الزوار لممارسة أنشطة الغوص ومشاهدة الشعاب المرجانية الفريدة، إضافة إلى الاستمتاع بالمشاهد الطبيعية التي تجمع بين البحر والجبل في لوحة واحدة، كما تعد مركزاً للدراسات العلمية التي تبحث في النظم البيئية والتنوع الحيوي، وهو ما يضعها في مقدمة المواقع التي تسهم في تعزيز الوعي البيئي العالمي.
تظل محمية رأس محمد شاهداً على غنى الطبيعة المصرية وتنوعها، فهي تمثل نموذجاً للتوازن بين الأنشطة السياحية وحماية البيئة، كما تبرز أهميتها في السياق العالمي كإحدى المحميات التي توثق قدرة الطبيعة على الإبداع والتنوع، وهو ما يجعلها معلماً يجمع بين القيمة البيئية والسياحية والعلمية في آن واحد.
المصدر: المصري اليوم