الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » المعالم التاريخية » محمية الدبابية تكشف عن تاريخ جيولوجي فريد في مصر يوثق مراحل انتقالية حاسمة

محمية الدبابية تكشف عن تاريخ جيولوجي فريد في مصر يوثق مراحل انتقالية حاسمة

 

تحتل محمية الدبابية مكانة خاصة في قائمة المواقع الطبيعية ذات الأهمية العالمية، إذ تقع جنوب مدينة الأقصر في صعيد مصر وتشكل محطة رئيسية لدراسة التاريخ الجيولوجي للأرض، حيث تحتوي على مقطع جيولوجي كامل يمثل الفترة الانتقالية بين عهدي الباليوسين والأيوسين التي تعود إلى نحو 55 مليون سنة، وهي فترة شهدت تحولات كبيرة في المناخ والبيئة كان لها أثر بارز على الحياة البحرية والبرية.

يعد المقطع الجيولوجي في محمية الدبابية مرجعا فريدا للباحثين والعلماء، إذ يقدم سجلا متكاملا للطبقات الرسوبية التي تعكس تغيرات مناخية واسعة النطاق، حيث تعرضت الأرض آنذاك لارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة أدى إلى اختفاء العديد من الكائنات البحرية الصغيرة وانتشار أنواع جديدة من الكائنات التي تكيفت مع المناخ، كما شهدت تلك الفترة بداية انتشار الثدييات التي شكلت لاحقا العمود الفقري للحياة البرية على الكوكب.

أهمية المحمية لا تنحصر فقط في بعدها العلمي، بل تمتد لتشمل قيمتها التعليمية والبحثية، فهي تعد مختبرا مفتوحا أمام طلاب الجيولوجيا وفرق البحث من مختلف دول العالم، حيث يزور المكان وفود علمية بشكل متواصل لدراسة تركيب طبقاته والربط بين ما جرى في الماضي وما يشهده العالم اليوم من تغيرات مناخية، وهو ما يمنحها صفة استثنائية تجعلها نقطة التقاء بين الماضي السحيق والواقع البيئي المعاصر.

10 معلومات عن محمية الدبابية جنوب الأقصر.. تساعد في تحديد عمر الأرض - الوطن

ساهمت مصر في تعزيز قيمة المحمية على الصعيد العالمي عندما قامت بترشيح موقع الدبابية عام 2008 لإدراجه ضمن القائمة الإرشادية لليونسكو، حيث يوضح هذا الترشيح حجم الاهتمام بحماية الموقع والتأكيد على أنه يمثل شاهدا نادرا على حقبة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ الأرض، كما فتح هذا الترشيح المجال لتعزيز التعاون الدولي في مجالات حماية التراث الطبيعي وتبادل الخبرات في الدراسات الجيولوجية.

تجسد محمية الدبابية نموذجا على التداخل بين العلوم الطبيعية والجهود الوطنية للحفاظ على الثروات البيئية، فهي تكشف عن جانب خفي من تاريخ الأرض وتربط بين تغيرات حدثت قبل ملايين السنين والتحديات التي يواجهها العالم اليوم بفعل التغير المناخي، كما تمثل نقطة جذب علمية وسياحية توفر لمصر فرصة لإبراز دورها في حماية التراث الطبيعي العالمي.

أضحت المحمية واحدة من العلامات البارزة في سجل المواقع الطبيعية المصرية، فهي لا تجسد مجرد موقع جيولوجي بل تعكس قصة متكاملة عن التغير والتطور والصمود، وتفتح المجال أمام أجيال جديدة من الباحثين لاكتشاف المزيد من أسرار الأرض، وهو ما يجعلها ثروة طبيعية ذات قيمة استراتيجية يجب الحفاظ عليها ضمن جهود التنمية المستدامة.

المصدر: الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار