تُعد قناة واد لالوين الرومانية من أبرز الشواهد التاريخية على البنية التحتية المتطورة التي شيدها الرومان في شمال إفريقيا، حيث شُيّدت القناة خلال القرن الثاني الميلادي لتزويد مدينة شرشال، المعروفة حينها باسم قيصرية في الجزائر، بالمياه من منابعها الواقعة على بعد عدة كيلومترات.
شكّلت القناة نظامًا هندسيًا دقيقًا لنقل المياه باستخدام الانحدار الطبيعي، حيث جرى تنفيذ مسار القناة بدقة لضمان استمرار تدفق المياه دون استخدام مضخات، وقد اعتمد الرومان في بنائها على الأحجار المتراصة والقناطر المرتفعة التي ما زالت بقاياها مرئية إلى اليوم.
امتدت القناة لمسافات طويلة عبر تضاريس معقدة، وربطت بين منابع المياه الجبلية ومراكز الاستهلاك داخل المدينة، ما وفر احتياجات السكان والحمامات العامة والنافورات، وعكس مدى أهمية إدارة الموارد المائية في التخطيط الحضري لدى الحضارة الرومانية.
احتفظ الموقع بأهميته التاريخية ضمن المعالم الأثرية الرومانية المنتشرة في ولاية تيبازة، حيث يستقطب زوارًا من داخل الجزائر وخارجها، ويُعد شاهدًا ماديًا على التنظيم المدني الذي ميز المدن الرومانية، وقدرتها على دمج البنية التحتية مع احتياجات المجتمع.
أُدرج الموقع ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة للتراث العالمي لليونسكو، تحت اسم أماكن وطرق أغسطينوس في المغرب الأوسط، باعتباره جزءًا من المسارات التي ربطت المراكز الثقافية والدينية في الحقبة الرومانية، ويجري العمل على إعداد الملفات التقنية اللازمة لترشيحه النهائي.
تعكس قناة واد لالوين مستوى متقدمًا من المعرفة العلمية لدى المهندسين الرومان، خاصة في مجالات الهيدرولوجيا والمواد والإنشاءات، ويُعد الحفاظ عليها مسؤولية مشتركة بين السلطات المحلية والمؤسسات الأكاديمية المعنية بالتراث.
تواجه القناة اليوم تحديات عدة تتعلق بالتآكل الزمني والنمو الحضري غير المنظم، ما يتطلب تدخلات مدروسة لحمايتها من الاندثار، ويعمل بعض الباحثين على توثيق عناصرها بدقة رقمية، تمهيدًا لإدماجها ضمن مسارات سياحية تعليمية تعزز الوعي بالتاريخ المائي للمنطقة.