الأحد 1447/05/11هـ (02-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » المعالم التاريخية » قلعة موسى في لبنان تحفة معمارية تراثية تحكي قصة إصرار العمر الطويل

قلعة موسى في لبنان تحفة معمارية تراثية تحكي قصة إصرار العمر الطويل

بدأ المعماري موسى عبد الكريم بناء قلعة موسى في منطقة بيت الدين بقضاء الشوف شمال لبنان عام 1962، بعد سنوات من التخطيط وشراء الأراضي ووضع التصاميم، مستلهماً حلم طفولته الذي شكّل دافعًا قويًا لإنجاز هذا المشروع الاستثنائي، على الرغم من الشكوك والتحديات التي واجهها خلال مراحل التعليم والعمل المبكر.

صمم موسى القلعة يدوياً، مستخدماً الحجارة والطين، وأضاف لمسته الفنية من خلال نماذج متحركة تصور مشاهد الحياة اللبنانية التقليدية في القرن التاسع عشر، واستغرق المشروع 60 عامًا من العمل المستمر، ما يجعل القلعة شاهداً على الإصرار والعزيمة والتحمل، وقد اكتمل البناء عام 1997 لتصبح معلماً فريداً على مستوى لبنان.

تربع القصر على قمة صخرة عالية، مبنياً من أحجار متباينة الأحجام والأشكال، كل حجر يحمل نقشاً فريداً، واحتوت القلعة على برجان دائريان كبيران ومدفعيّة حربية بينهما، بينما بلغ عدد الحجارة المستخدمة في الأساس أكثر من 13 ألف حجر، وزُين أعلى البناء بحجر آخر محفور عليه تاريخ التأسيس وبيت شعري يُعبّر عن براعة موسى وإتقان البناء.

Episode 28 - Moussa Castle - Language Wave

ضمّت القلعة ثلاثة طوابق، يُدخل إليها جسر خشبي فوق نهر صغير يؤدي إلى بوابة حديدية بثلاثة أبواب متفاوتة الأحجام، وأعد موسى الباب الصغير رمزية لتحدي من سخروا منه في صغره، كما جهز كرسي الخيزران لاستقبال الزوار بطريقة توحي بالكرم والتواضع، وانقسم الطابق الأرضي إلى غرف تحاكي ذكريات موسى المدرسية والضيعة التقليدية والعادات الاجتماعية، إلى جانب غرفة مخصصة لمعدات البناء وملابسه.

أضاف موسى طابقاً آخر يحتوي على صالة كبيرة تعرض قطعاً فنية من النحاس وخشب الأرز والأونيكس والزجاج، مع متحف للأسلحة يضم أكثر من 20 ألف قطعة بما فيها البنادق القديمة والسيوف والرماح، كما تضم القلعة مشاهد رمزية لترميم القصور وأميرات شهابيات والسجن الروماني الذي يعكس اضطهاد المسيحيين.

قدم القصر تجربة سياحية فريدة، حيث يمكن للزائرين القيام بجولات داخل القلعة للتعرف على تاريخها وأسرار البناء، إضافةً إلى زيارة متحف الأسلحة والتقاط الصور الفوتوغرافية لموقع القلعة الاستراتيجي وتصميمها المعماري الفريد، ما يجعل من القلعة مزيجاً بين التاريخ والإبداع والفن الشعبي اللبناني.

عكست قلعة موسى حياة موسى عبد الكريم بالكامل، إذ بدأ المشروع بدافع حلم شخصي في طفولته، واستمر في البناء بمفرده دون مساعدة خارجية، مستلهماً دعم والدته وتشجيعاتها المستمرة، واستفاد من خبرته في ترميم القلاع البحرية القديمة والعمل في مديرية الآثار، ليحوّل حلمه إلى حقيقة معمارية فريدة تركت إرثاً ثقافياً وسياحياً في لبنان.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار