تتربع قلعة حلب على تل عتيق يعود استخدامه إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهي من أقدم وأكبر القلاع عالميًا، وتُجسد القلعة التنوع الحضاري الذي شهدته المدينة عبر العصور، فقد سيطر عليها الإغريق والبيزنطيون والمماليك، فيما يعود بناؤها الحالي بشكل رئيسي للفترة الأيوبية، وتظهر في تصاميمها المعمارية براعة التحصين وقوة البناء القديم، كما تحمل جدرانها نقوشًا تروي قصص الحروب والحكم.
أُدرجت قلعة حلب في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1986، وهي جزء أساسي من مدينة حلب القديمة، ويُبرز هذا التسجيل أهميتها الثقافية على المستوى العالمي، كما يمثل الموقع مركزًا تاريخيًا وثقافيًا يجذب السياح وعشاق التاريخ من مختلف البلدان، ويعزز الانتماء والهوية الثقافية لسكان المدينة، ويُعد نقطة محورية لفهم تاريخ حلب ومراحل تطورها الحضارية.
تواجه القلعة تحديات كبيرة نتيجة الأضرار التي لحقت بها خلال النزاعات الأخيرة، وقد بُذلت جهود مكثفة لترميمها وحمايتها، إذ تُنفذ الجهات المعنية مشاريع لإعادة تأهيل القلعة مع التركيز على استعادة الجدران والمداخل التاريخية، كما تشجع هذه المشاريع على توثيق التفاصيل المعمارية وترسيخ معرفة التراث، ما يجعل الموقع نموذجًا للصمود الثقافي والحضاري رغم الصعوبات.
تجسد قلعة حلب القوة والاستمرارية الثقافية عبر العصور، فهي تروي قصص الحضارات التي شكلت المدينة، وتُلهم الأجيال لاستكشاف تاريخهم العريق، كما تشجع الشباب على دراسة التراث السوري وتعزز شعور الفخر بالهوية الثقافية المحلية، وتُشكل القلعة جسرًا يربط الماضي بالحاضر، إذ تظهر براعة الأيوبيين في التحصينات، وتوفر تجربة تاريخية وثقافية متكاملة لكل زائر.
تسهم القلعة في تعزيز الوعي بأهمية حماية التراث الإنساني العالمي، وهي شاهد حي على عظمة مدينة حلب التاريخية، كما تؤكد ضرورة الحفاظ على الإرث المعماري والثقافي للأجيال القادمة، ويستمر الموقع في سرد قصص الماضي، وحفظ ذاكرة المجتمع، ويُبرز قيمة التراث كجزء من الهوية الوطنية والثقافية، كما يظل رمزًا للصمود والقوة عبر التاريخ.
المصدر: الشرق الأوسط