بنى الصليبيون قلعة تبنين عام 1106 م على تلة جبلية في بلدة تبنين بمحافظة النبطية جنوب لبنان، وتقع على الطريق الاستراتيجي بين صور ودمشق، وقد أصبحت القلعة موقعًا تاريخيًا مهمًا يعكس التفاعل بين الحضارات المختلفة، كما شهدت القلعة عبر العصور إعادة بناء جزئية خلال العصور الوسطى لتتحول لاحقًا إلى موقع عثماني يعكس التنوع التاريخي في جنوب لبنان.
استخدمت القلعة عبر تاريخها كقاعدة عسكرية ومقر إقامة للحكام المحليين، وخلال الفترة العثمانية أصبحت مسكنًا لعائلة الأسعد، كما احتفظت القلعة بهندستها الضخمة المربعة الشكل والمستطيلة، التي تضم أبراجًا وقاعات متعددة، وتظهر طبقات تاريخية متنوعة من البناء الصليبي إلى إعادة البناء العثماني، ما يجعلها مثالًا حيًا على تطور العمارة العسكرية في لبنان خلال قرون مختلفة.
كانت قلعة تبنين مركزًا مهمًا في مملكة القدس الصليبية، واحتلت موقعًا استراتيجيًا على الطريق بين صور ودمشق، وبعد تحرير المنطقة من الصليبيين أصبحت تحت سيطرة العرب في العصر الأيوبي، وعاد بناء القلعة جزئيًا خلال الفترة العثمانية على أنقاض الأسوار الصليبية، لتتحول إلى مقر للحكم المحلي، وتبرز أهمية الموقع كمركز ثقافي وعسكري طوال التاريخ، ما يجعله عنصرًا حيويًا في دراسة تاريخ جنوب لبنان.
تُظهر القلعة اليوم حالة متفاوتة من الحفاظ، إذ تعرضت لأضرار خلال الصراعات الحديثة، بما في ذلك انهيار جزء من جدرانها في عام 2024، ومع ذلك تظل القلعة رمزًا للتراث اللبناني الثقافي، وقد أدرجت ضمن موقع “قلاع جبل عامل” على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو منذ عام 2019، ما يعكس قيمتها العالمية، ويضع المسؤولين أمام مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث التاريخي المهم، وتبذل جهود مستمرة لترميم القلعة وإعادة تأهيلها.
تتضمن القلعة عناصر معمارية مميزة، فهي مبنية على شكل مربع أو مستطيل وتضم أبراجًا وقاعات كبيرة، كما تُظهر طبقات من البناء الصليبي القديم وإعادة البناء العثماني، ويتيح ذلك للباحثين والزوار دراسة مراحل التطور التاريخي والعسكري، كما توفر القلعة فرصة لفهم العلاقة بين الدين والسلطة والهندسة العسكرية في جنوب لبنان، وهي بذلك تجمع بين الوظيفة العسكرية والرمزية الثقافية.
تسعى الجهات المعنية لإعادة تأهيل قلعة تبنين وترميمها لاستعادة رونقها التاريخي، بما يضمن حماية التراث المادي والثقافي، ويتيح للزوار والزوار المستقبليين التعرف على قصة الصراعات والتطورات الحضارية التي مرت بها المنطقة، ويؤكد أهمية القلعة كعنصر أساسي في التراث اللبناني، ويجعلها مقصدًا تاريخيًا وسياحيًا يعكس التعدد الحضاري والتاريخي لمنطقة جبل عامل.
المصدر: ويكيبيديا