تمثل قلعة العريش واحدًا من أبرز المعالم التاريخية في شمال سيناء، إذ شيدت في العهد العثماني عام 1560م على يد السلطان سليمان القانوني لتكون حصنًا دفاعيًا يحمي المدينة وممراتها الاستراتيجية، وتحتل القلعة موقعًا مهمًا في قلب مدينة العريش، ما جعلها نقطة ارتكاز عسكرية وإدارية خلال فترات متعاقبة من التاريخ، وهي اليوم مدرجة على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو ضمن الفئة الثقافية منذ 28 يونيو 2003، باعتبارها جزءًا من منطقة المواقع الأثرية في شمال سيناء.
تمثل القلعة شاهدًا على أهمية العريش كمركز تجاري وعسكري في الشرق المصري، فقد استخدمت على مدار قرون في حماية الحدود الشرقية لمصر، كما لعبت دورًا محوريًا في مراقبة الطرق الممتدة عبر سيناء باتجاه الشام، ويشير المؤرخون إلى أن تصميمها العثماني القائم على التحصينات المنيعة والبوابات القوية يعكس الطابع الدفاعي الذي اعتمدت عليه الدولة في تلك الفترة، وهو ما يمنحها قيمة معمارية إلى جانب قيمتها التاريخية.
بدأت السلطات المصرية تنفيذ مشروع لإحياء القلعة وتحويلها إلى مركز ثقافي وسياحي يعكس تاريخ العريش وحضارة سيناء، إذ يركز المشروع على إعادة تأهيل المباني والأبراج وإقامة معارض توثق المراحل التاريخية التي مرت بها المنطقة، كما يستهدف المشروع تعزيز الهوية الثقافية لسيناء من خلال أنشطة فنية ومجتمعية تستلهم التراث المحلي، وتدعم المشاركة المجتمعية في حماية المواقع الأثرية.
يسعى المشروع أيضًا إلى جعل القلعة وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل مصر وخارجها، حيث توفر خطط التطوير إنشاء مسارات تعريفية للزوار وإقامة فعاليات ثقافية بشكل دوري، ويأمل القائمون على المشروع أن تسهم هذه الخطوة في جذب مزيد من الحركة السياحية إلى شمال سيناء، بما يحقق عوائد اقتصادية ويفتح مجالات عمل جديدة للشباب، كما يمثل المشروع جزءًا من توجه أوسع يهدف إلى دمج التراث في خطط التنمية المحلية.
تبرز أهمية القلعة من كونها ليست مجرد بناء أثري مهجور بل موقع حي يمكن أن يصبح مركزًا للنشاط الثقافي والسياحي، حيث يعاد توظيفها بما يضمن استدامتها ويحافظ على قيمتها التاريخية، ويؤكد خبراء الآثار أن إعادة إحياء مثل هذه المواقع يسهم في صون الذاكرة الوطنية ويرسخ ارتباط الأجيال الجديدة بتراثها، كما يضع سيناء على خريطة السياحة الثقافية العالمية.
تظل قلعة العريش رمزًا لتاريخ المدينة ودورها الحيوي عبر العصور، وهي اليوم تمثل فرصة لإبراز الوجه الثقافي والحضاري لشمال سيناء، فالمشروع الجاري يعكس توجهًا جادًا نحو إحياء التراث وتفعيله في خدمة المجتمع، ليصبح هذا الموقع شاهدًا على تلاقي الماضي بالحاضر في إطار رؤية تنموية شاملة.
المصدر: ويكيبيديا