يُظهر موقع الزبارة الأثري تطور المدن الساحلية في منطقة الخليج، ويمثّل شاهدًا حيًا على ازدهار تجارة اللؤلؤ وصيدها في القرن الثامن عشر، إذ احتلت المدينة الساحلية في شمال غرب قطر مكانة اقتصادية هامة قبل أن ينتهي ازدهارها مع بدايات القرن العشرين.
وقد أدّى تسجيل الموقع في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2013 إلى تسليط الضوء على أهمية الزبارة بوصفها نموذجًا فريدًا لمدينة ساحلية تحولت من مركز تجاري حيوي إلى موقع أثري محفوظ.
يضم الموقع قلعة الزبارة التي تم ترميمها وتحويلها إلى مركز للزوار، كما يحتوي على بقايا بيوت وأسواق ومساجد وميناء قديم، وتُظهر هذه البقايا ملامح الحياة اليومية والنشاط التجاري الذي ميّز المدينة، وتعكس التخطيط العمراني والمعماري للمدن الساحلية التي اعتمدت على البحر كمصدر للثروة والحياة.
ويؤكد الباحثون أن الزبارة كانت تمثّل نموذجًا اقتصاديًا في الخليج يرتكز على الغوص بحثًا عن اللؤلؤ وتجارته مع الهند وبلاد فارس وساحل شرق إفريقيا.
تُبذل حاليًا جهود متعددة لحماية الموقع من عوامل التعرية الزمنية وتأثيرات المناخ، إذ تعمل السلطات القطرية على ترميم المنشآت القديمة دون تغيير معالمها الأصلية، وتقوم بإجراء عمليات تنقيب أثري مستمرة لاكتشاف المزيد من عناصر المدينة المدفونة تحت الرمال.
كما يتم توثيق كل القطع والنتائج التي تظهر خلال هذه العمليات باستخدام تقنيات تصوير وتحليل رقمية، ويشمل العمل أيضًا تأهيل المنطقة المحيطة لتسهيل الوصول إليها وتحسين تجربة الزائرين.
يشهد الموقع فعاليات ثقافية وبرامج تعليمية تستهدف المدارس والباحثين والمهتمين بتاريخ الخليج، وتتضمن هذه البرامج جولات ميدانية في القلعة والمعارض المصاحبة التي توضح أهمية الموقع، ويشارك في تنظيمها جهات محلية ومؤسسات متخصصة في التراث، كما تم تجهيز مركز الزوار بمعلومات وخرائط تفصيلية باللغتين العربية والإنجليزية لشرح مراحل تطور المدينة وتاريخها.
يعكس إدراج الزبارة ضمن قائمة التراث العالمي اهتمام دولة قطر بالحفاظ على تاريخها البحري وتراثها الثقافي، ويعيد تسليط الضوء على نمط حياة سكان المدن الساحلية الذين اعتمدوا على البحر كرافد أساسي لبناء حضاراتهم، ويمثل الموقع اليوم نقطة التقاء بين الحاضر والماضي، وبين الحياة المعاصرة وجذورها في عمق التاريخ المحلي.
المصدر: ويكيبيديا