تمثل قلعة أربيل أحد أقدم المعالم التاريخية في العراق، حيث تقع في قلب مدينة أربيل وتتربع على تل أثري يعلو محيطه بعدة أمتار، وقد شُيّدت القلعة في الأصل خلال العصر الآشوري في الألفية الأولى قبل الميلاد، وظلت على مدار القرون مركزًا حضريًا نشطًا شهد تحولات عمرانية متعاقبة تعكس تغيرات الحكم والأنظمة السياسية في المنطقة.
تتميز القلعة بتخطيط دائري يحيط به سور حجري متين، وقد جرى ترميم أجزاء كبيرة منها على مراحل، ويمتد عمرها الزمني عبر عصور متعددة شهدت خلالها عمليات بناء وتجديد وفق الأنماط المعمارية المحلية في فترات ما قبل الإسلام والعصور الإسلامية اللاحقة، وهو ما يجعلها شاهدًا ماديًا على تطور الطرز المعمارية في بلاد الرافدين.
يحتضن الموقع بقايا منازل ومبانٍ إدارية وساحات داخلية تعكس نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، كما تحتوي القلعة على شوارع ضيقة متشابكة كانت مأهولة حتى العقود الأخيرة، وقد استُخدمت في بعض المراحل كمركز سكني دائم لسكان المدينة، ما يعزز من قيمتها الحضرية ويجعلها واحدة من أقدم المستوطنات التي ظلت مأهولة حتى العصر الحديث.
تحظى القلعة بأهمية ثقافية ومعنوية كبرى لدى سكان أربيل، وقد شهدت اهتمامًا رسميًا منذ إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو عام 2014، ويهدف هذا التصنيف إلى دعم جهود الحفظ والترميم، وضمان صون طابعها التاريخي، ورفع وعي الزوار بأهميتها كرمز للهوية العراقية المتجذرة في عمق التاريخ.
يعمل المشروع الوطني لإحياء قلعة أربيل على تطوير المرافق والخدمات في محيط الموقع دون المساس بالبنية التاريخية، كما يركز على تشجيع السياحة الثقافية والعلمية، وتعزيز إشراك المجتمعات المحلية في عملية الحفاظ، بما يعكس النظرة الحديثة للتراث بوصفه موردًا اجتماعيًا واقتصاديًا يجب استثماره بطرق مستدامة.
تعكس قلعة أربيل استمرار التقاليد المعمارية في بيئة جغرافية وتاريخية معقدة، وتؤكد مكانة المدينة كواحدة من أقدم المراكز الحضرية في العالم، ما يمنح القلعة مكانة رمزية تتجاوز حدود العراق لتعبّر عن الذاكرة الحضارية لمنطقة الشرق الأوسط.
المصدر: اليونسكو