السبت 1447/05/10هـ (01-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » الآثار » قصر بيت الدين في لبنان تحفة معمارية تجسد عبقرية الشهابيين

قصر بيت الدين في لبنان تحفة معمارية تجسد عبقرية الشهابيين

أنشأ الأمير بشير الثاني قصر بيت الدين في منطقة الشوف في جبل لبنان في مطلع القرن التاسع عشر ليكون مقراً للإمارة الشهابية، واستغرق بناؤه سنوات طويلة بمشاركة مهندسين أوروبيين وعمال مهرة لتنفيذ النقوش والزخارف وصقل الرخام وتجميع الفسيفساء، ليصبح القصر تحفة معمارية تشهد على عمارة لبنان التقليدية.

ضمّ القصر ثلاثة أقسام رئيسية هي الدار الخارجية، الدار الوسطى ودار الحريم، بالإضافة إلى الحمامات والحدائق، وتمتاز ساحاته الواسعة بتصاميم هندسية متقنة، حيث يقود مدخل القصر عبر بوابة عملاقة إلى الميدان الرئيسي الذي يبلغ طوله 107 أمتار وعرضه 45 متراً، وقد شهد هذا الميدان معارك الأمير بشير، رحلات الصيد، الاحتفالات والمبارزات بين الخيالة، كما يحوي جناح المضافة المكوّن من طابقين وغرف ومعارض تحوي قطعاً أثرية من العصر البرونزي والحديدي والزجاجيات الرومانية والأسلحة القديمة والألبسة الفلكلورية.

زينت بوابة الدار الوسطى بالفسيفساء المرمرية والنقوش والزخارف المميزة، لتكون مماثلة في فخامتها لقصر الحمراء الأندلسي، ويؤدي العبور من هذه البوابة إلى باحة مستطيلة تحتوي نافورة مياه تحيط بها أروقة من ثلاث جهات فيما تنفتح الجهة الرابعة على الوادي، وتوجد على زوايا الأروقة شرفتان خشبيتان مطعمتان تسمحان بمراقبة الخارج دون أن يراه أحد.

قصر بيت الدين

ضمّ دار الحريم جناحاً مؤلفاً من غرفة انتظار تعرف بقاعة العامود، وغرفة استقبال مزخرفة باسم “السلملك” تتزين بجدران منقوشة وفسيفساء متعددة الألوان، تحوي أقوالاً وحكماً، كما تضم جناحاً شمالياً يقال إنه أقام فيه الشاعر الفرنسي “لامارتين”، وبجوار هذه القاعات أقيمت الحمامات التي تعد من أرقى معالم العمارة في القصر، لتجمع بين الفخامة والوظيفة العملية في تصميمها.

أظهرت حدائق القصر وساحاته الواسعة الترابط بين الماضي والحاضر، كما توضح التناسق بين الهندسة المعمارية التقليدية والتزيين الفني، ويتيح القصر للزائرين الاطلاع على تاريخ الإمارة الشهابية وعبقرية تصميماتهم، ويقدم تجربة بصرية وثقافية فريدة تعكس ثراء التراث اللبناني، ويظل القصر رمزاً للفخامة والإبداع في الفن المعماري، محاكياً العصور التي شهدت ازدهار لبنان ومكانة أسرته الحاكمة.

احتفظ قصر بيت الدين بمكانته التاريخية والسياسية، إذ أصبح منذ عام 1943 المقر الصيفي لرئيس الجمهورية اللبنانية، ويجمع بين الطابع الرسمي والتراثي، ليبقى معلماً سياحياً وجذباً ثقافياً هاماً، ويتيح للزوار فرصة استكشاف الفن والعمارة اللبنانية الأصيلة في بيئة غنية بالتراث والتاريخ.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار