الخميس 1447/04/03هـ (25-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الأردن » مرئي » الآثار » قصر المشتى في الأردن تحفة معمارية تجسد روعة الفن الأموي

قصر المشتى في الأردن تحفة معمارية تجسد روعة الفن الأموي

 

يتألق قصر المشتى كواحد من أبرز المعالم الأثرية في الأردن، حيث يقع جنوب مدينة عمان ويعود تاريخ إنشائه إلى عهد الخليفة الأموي الوليد الثاني بين عامي 743 و744 ميلادية.

ويُعتبر القصر من التحف المعمارية النادرة التي تجسد روعة العمارة الأموية في أوج ازدهارها، وقد شكّل ملاذًا شتويًا للنخبة الحاكمة، ما جعله شاهدًا على ملامح الحياة السياسية والاجتماعية في تلك الفترة.

يُبرز القصر روعة الفنون الإسلامية المبكرة التي تأثرت بالتقاليد البيزنطية والساسانية، حيث تظهر في جدرانه نقوش وزخارف غنية تعكس تداخل الثقافات وتنوع مصادر الإلهام الفني، وقد جاءت تفاصيله المعمارية لتدل على براعة الحرفيين الذين صاغوا النقوش الجصية الدقيقة والقاعات المزخرفة والأفنية الواسعة التي منحت القصر طابعًا مميزًا جعله مختلفًا عن غيره من القصور الأموية.

أُدرج الموقع ضمن القائمة الإرشادية لمنظمة اليونسكو بوصفه تراثًا عالميًا استثنائيًا، وهو ما يعكس قيمته الحضارية والتاريخية، ويجذب القصر سنويًا العديد من الباحثين والمهتمين بالتاريخ الإسلامي الذين يرون فيه مرجعًا أساسيًا لدراسة العمارة والفنون الإسلامية في مراحلها المبكرة، كما أصبح وجهة للزوار والسياح الراغبين في التعرف على تفاصيل التراث الأموي عن قرب.

واجهة قصر المشتى.. تحفة فنية أردنية في برلين

تكشف الحفريات المتواصلة في القصر عن قاعات فخمة وأفنية مزينة بزخارف جدارية وأدوات فخارية وأعمال جصية معقدة، وتُظهر هذه البقايا تفاصيل الحياة الأرستقراطية في العصر الأموي، بما في ذلك مظاهر الرفاهية التي ميزت أسلوب عيش النخبة، وهو ما يمنح الباحثين مادة علمية غنية تساعد على فهم مكونات الحياة السياسية والاجتماعية والفنية في ذلك الزمن.

يُجسد قصر المشتى التفاعل الثقافي في العصر الأموي من خلال دمج التأثيرات الشرقية والغربية في بنيانه وزخارفه، حيث يظهر التنوع الفني في كل جزء من أجزائه، وهو ما يعكس انفتاح الدولة الأموية على مختلف الثقافات والحضارات التي امتدت إليها سلطتها، ليصبح القصر رمزًا للتعايش الحضاري وتعدد مصادر الإبداع الفني.

تواجه الجهود الرامية إلى الحفاظ على القصر تحديات بيئية صعبة، إذ تتأثر بنيته الحجرية بالعوامل المناخية مثل الرياح والأمطار، وهو ما يتطلب تمويلًا مستمرًا وخبرات متخصصة لتنفيذ أعمال الصيانة والترميم اللازمة لضمان استمرارية هذا المعلم التاريخي، كما تشارك مؤسسات دولية في وضع استراتيجيات لحماية الموقع باعتباره جزءًا من التراث الإنساني العالمي.

تعمل الأردن على تعزيز مكانة قصر المشتى كوجهة ثقافية وسياحية، حيث يجري التخطيط لتطوير البنية التحتية المحيطة به وتوسيع نطاق السياحة الثقافية، بما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي ويرفع الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الإسلامي، كما يُعد القصر اليوم نقطة التقاء بين الماضي والحاضر، إذ يلهم زواره بجماليات العمارة الأموية ويجسد جانبًا مهمًا من الهوية الثقافية الأردنية.

تستمر البعثات الأثرية في دراسة الموقع والتنقيب فيه بعناية، حيث يُتوقع أن تسفر الأبحاث عن اكتشافات جديدة تُضيف المزيد إلى المعرفة التاريخية عن العصر الأموي، وبذلك يبقى قصر المشتى شاهدًا خالدًا على عبقرية العمارة الإسلامية وروعة الفن الأموي الذي ما زال يُلهم الأجيال حتى اليوم.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار