أسست قرية الفاو كعاصمة لمملكة كندة منذ القرن الأول قبل الميلاد وازدهرت حتى القرن الرابع الميلادي، وتقع المدينة الأثرية في وادي الدواسر بمنطقة الرياض على أطراف صحراء الربع الخالي، ويبرز موقعها الاستراتيجي عند تقاطع جبال طويق، ما جعلها مركزًا تجاريًا هامًا يعكس تطور الحضارة في الجزيرة العربية.

كشفت أعمال التنقيب عن مناطق سكنية وأسواق وخانات للقوافل، كما تم العثور على مقابر وواحات وأنظمة ري متطورة لعصرها، وتحمل النقوش الصخرية في الموقع معلومات عن الحياة اليومية والثقافة الاجتماعية، ويشكل الموقع نموذجًا متكاملًا للحضارة القديمة وقدرتها على تنظيم المدن واستغلال الموارد الطبيعية بكفاءة.

أدرجت اليونسكو قرية الفاو ضمن قائمة التراث العالمي عام 2024، ضمن المنظر الثقافي للفاو، ويأتي هذا الإدراج كخطوة مهمة في حماية الموقع، وتسعى هيئة التراث السعودية لتعزيز مكانة القرية كوجهة سياحية عالمية، وتعمل على جذب الباحثين والزوار لاستكشاف إرث مملكة كندة والتعرف على تاريخ الجزيرة العربية القديم بشكل مباشر.

تواجه آثار الفاو تحديات كبيرة مرتبطة بالتعرية الصحراوية والمناخ القاسي، وتتطلب جهود الترميم تمويلًا إضافيًا لضمان استدامة الموقع وحمايته من التدهور، ويطالب الخبراء بتكثيف أعمال التوثيق الأثري لتسجيل كل التفاصيل التاريخية والمعمارية ونقل إرث الفاو الثقافي إلى الأجيال القادمة، كما تساهم هذه الجهود في الحفاظ على الهوية الثقافية السعودية.

أظهرت الدراسات أن القرية كانت مركزًا إداريًا يدعم التجارة والتبادل الثقافي، وأسهمت في إبراز أهمية طرق التجارة القديمة التي ربطت الجزيرة بمناطق الشرق الأوسط، وتعكس أنظمة الري والواحات براعة السكان القدماء في إدارة الموارد المائية والزراعة في بيئة صحراوية صعبة، كما يدل التخطيط الحضري للمدينة على مستوى متقدم من التنظيم الاجتماعي والاقتصادي.

تستمر الجهود لتطوير الموقع سياحيًا بهدف استقطاب الزوار المحليين والدوليين، ويبرز الموقع كشاهد على الإبداع البشري في استغلال البيئة الصحراوية لتأسيس حضارة، وتظل قرية الفاو رمزًا للتراث العربي، تحمل إرث مملكة كندة وتاريخها العريق، كما تؤكد على دور المواقع الأثرية في ربط الماضي بالحاضر وتعزيز الفهم الثقافي للهوية الوطنية.

المصدر: ويكيبيديا