أسست قالمة، عاصمة ولاية قالمة في شمال شرق الجزائر، على يد الفينيقيين باسم مالاكا في الألفية الأولى قبل الميلاد، وتحولت لاحقًا إلى مستعمرة رومانية ضمن مقاطعة نوميديا، وتُعد المدينة جزءًا من القائمة الإرشادية لليونسكو، مما يعكس تاريخها العريق وأهميتها الحضارية عبر العصور.
تتألق قالمة بآثارها الرومانية والبيزنطية، وتشمل الحمامات الرومانية ومدينة تيبيلس، وتبرز هذه البقايا براعة العمارة القديمة، كما تجذب الزوار بعبقها التاريخي، وتوضح تطور المدن عبر الفترات المختلفة وتنوع الحضارات التي تعاقبت على المنطقة.
تضم المدينة المسبح الروماني في هيليوبوليس، ويعكس هذا المسبح تقنيات هندسية متقدمة، كما يُعد شاهدًا على الرفاهية الرومانية، ويبرز أهمية قالمة كمركز حضاري قديم ومكانًا للتجمعات الاجتماعية والثقافية في العصور القديمة، ويعكس أسلوب الحياة الرومانية في المنطقة.
تحتوي المواقع الأثرية على مغارات جبل طاية الغامضة، وتضم هذه المغارات مناصب حجرية ومقابر قديمة، كما تُظهر هذه المواقع تنوع التراث في مناطق عين نشمة وخنقة الحجار، وتعكس تاريخًا متجذرًا وعراقة في الأسلوب المعماري والديني عبر العصور، مما يمنح المدينة طابعًا ثقافيًا فريدًا.
تبرز المواقع الدينية مثل مسجد العتيق وزاوية الشيخ الحفناوي، وتعزز هذه المعالم البعد الروحي للمدينة، كما تجذب المؤمنين والمهتمين بالتاريخ الإسلامي، وتوضح التنوع الديني والثقافي في قالمة، وتعكس العلاقة المتينة بين التراث الروحي والمجتمع المحلي.
تشتهر قالمة بحرفها التقليدية مثل الفخار، الذي يواجه خطر الاندثار، وتحافظ الأجيال على هذه الحرفة رغم التحديات، وتبرز المهارة اليدوية التي تميز المنطقة، كما تعكس الفخار القدرة على الجمع بين الجمال والوظيفة، وتُظهر التراث الصناعي والحضاري للمدينة.
تُعد صناعة الزرابي في قالمة فنًا أصيلًا، وتتميز بألوانها الزاهية ونقوشها التقليدية، كما تُساهم في إبراز الهوية المحلية، وتُعرض هذه الزرابي في الأسواق كجزء من التراث، ما يعكس استمرار الممارسات التقليدية وارتباط المجتمع بفنه اليدوي عبر الأجيال.
يبرز اللباس التقليدي للمرأة القالمية، ويتمثل في القندورة الكاراكو المزينة بالفتلة، وتضفي الخيوط الذهبية والمجبود لمسة تراثية، كما تعكس أناقة الثقافة المحلية، وتوضح اهتمام المجتمع بالحفاظ على الرموز الثقافية وتقديمها كجزء من الهوية التاريخية للمدينة.
تساهم هذه العناصر التراثية في ترسيخ هوية قالمة، وتربط الأجيال بجذورها التاريخية، كما تعزز الفخر بالإرث الثقافي، وتبرز تفاعل الحضارات عبر الزمن، وتوضح كيف يمكن للتراث أن يكون جسرًا بين الماضي والحاضر، مما يجعل المدينة محط اهتمام الباحثين والزوار.
توفر قالمة فرصًا اقتصادية من خلال السياحة، وتعزز المواقع الأثرية والحرف التقليدية الجذب السياحي، كما تُساهم في تنمية الاقتصاد المحلي وتشجع على استثمار التراث، وتعرض المدينة إمكانيات ثقافية وتجارية متكاملة تدعم المجتمعات المحلية وتنشط الحياة الاقتصادية.
تستمر قالمة في إلهام زوارها بإرثها المتعدد الحضارات، وتجمع بين الفينيقية والرومانية والإسلامية، كما تُعد وجهة مثالية لعشاق التاريخ والثقافة، وتوفر تجربة غنية تجمع بين التعلم والتجوال، وتبرز المكانة التاريخية للمدينة كملتقى حضاري متنوع عبر العصور.
المصدر: ويكيبيديا