سجلت السعودية في عام 1438هـ الموافق 2016م فن “المزمار” ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، بوصفه فنًا شعبيًا جماعيًا يُمارس في منطقة الحجاز غرب المملكة، ويُعد أحد أهم الفنون التراثية التي حافظت على حضورها في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية والوطنية، لما يتمتع به من طابع حماسي وأداء جماعي يجمع بين الإيقاع الحركي والموسيقى الشعبية ويعكس تماسك المجتمع المحلي حول عناصره الثقافية.
ويقوم فن المزمار على تشكيل صفين متقابلين من الرجال يؤدون الحركات بشكل جماعي ومنسق، مع استخدام الطبول والتصفيق لإنتاج إيقاع متواصل يتفاعل معه المشاركون بحيوية وانسجام، ويتقدم كل صف رجلان يحملان عصيًّا طويلة يلوحان بها في الهواء بحركات دائرية سريعة ومنظمة تعكس المهارة والخفة، فيما يتبادل المشاركون الأهازيج الشعبية بصوت مرتفع في تفاعل جماعي يعكس الروح الفولكلورية للمنطقة.
ويمتاز هذا الفن الشعبي بجذوره القديمة في المجتمع الحجازي، إذ كان يُستخدم في الماضي كوسيلة للتحفيز وبث الحماسة خلال المناسبات القبلية والاحتفالات الكبرى، ثم تطور ليصبح جزءًا أساسيًا من طقوس الأعراس والاحتفالات الوطنية والمهرجانات الشعبية، حيث يتم تنظيم عروض المزمار في الميادين والساحات العامة بحضور واسع من الأهالي والزوار الذين يتفاعلون مع الأداء ويشاركون فيه أحيانًا.
ويُظهر تسجيل فن المزمار ضمن التراث غير المادي حرص السعودية على توثيق فنونها الشعبية وصونها من الاندثار، عبر دعم الممارسين وتشجيع الأجيال الجديدة على تعلم هذا الفن والمشاركة فيه، كما تسهم مثل هذه الخطوات في تعزيز الهوية الثقافية وتقديم صورة متكاملة عن التنوع الفني داخل المملكة، حيث يختلف الأداء والتفاصيل من منطقة لأخرى لكن تبقى الروح العامة للفن واحدة.
ويواصل المزمار اليوم حضوره في الحياة الثقافية المعاصرة، إذ أدرج ضمن العديد من المهرجانات والمناسبات الوطنية، وتُقام له عروض خاصة في عدد من المناسبات الرسمية وغير الرسمية، ويُنظر إليه كأحد الفنون التي توثق الذاكرة الشعبية وتربط الحاضر بالماضي وتغرس في الأجيال القادمة روح الفخر بالموروث الشعبي الذي يمثل أحد أركان الهوية الثقافية في السعودية.
المصدر: saudipedia