أدرجت السعودية في عام 1439هـ الموافق 2017م فن “القط العسيري” ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، باعتباره أحد أبرز أشكال الفن الشعبي النسائي في منطقة عسير، حيث يُمارس هذا الفن بشكل يدوي لتزيين جدران المنازل من الداخل باستخدام أنماط هندسية ملونة وتنسيقات بصرية تعكس الذوق المحلي والبُعد الجمالي للبيئة الجنوبية، ويُعد القط العسيري مكونًا ثقافيًا راسخًا في الحياة اليومية، إذ تُقبل عليه النساء في القرى والبلدات كعلامة على الفرح والاهتمام بالمنزل ومظهره.
ويستند هذا الفن التقليدي إلى مهارة فنية تتوارثها النساء في المنطقة جيلًا بعد جيل، حيث تُرسم الزخارف والنقوش بشكل مباشر على الجدران باستخدام ألوان زاهية مصنوعة من مواد محلية، ويُراعى في التصميم التوازن البصري والدقة في التوزيع، ما يمنح كل منزل طابعًا فنيًا خاصًا يميزه عن غيره، ويعكس الفن روح الجماعة والتعاون بين النساء اللاتي يجتمعن غالبًا لإنجاز هذه الرسومات، خصوصًا في المناسبات الاجتماعية مثل الزواج أو تشييد منزل جديد.
ويتميّز القط العسيري باستخدام أنماط هندسية دقيقة كالمثلثات والمربعات والخطوط المتقاطعة، وتتدرج الألوان فيه بين الأحمر والأخضر والأصفر والأزرق، وتُنسق بطريقة متجانسة تبرز جماليات الجدار الداخلي، كما لا يقتصر دوره على الزينة فقط، بل يُنظر إليه كمرآة لحالة الأسرة الاجتماعية ومكانتها في المجتمع المحلي، حيث يدل المنزل المزين بالقط على الاهتمام والرعاية والتماسك الأسري.
ويأتي إدراج هذا الفن ضمن قائمة اليونسكو ليعزز مكانته بوصفه تراثًا بصريًا نابضًا يعكس هوية المرأة العسيرية ومكانتها في تشكيل البيئة الجمالية والثقافية للمنزل، كما يُسهم في حماية هذا الموروث من التراجع بفعل التحديث العمراني ونمط الحياة السريع، إذ تعمل الجهات الثقافية في المملكة على تنظيم ورش لتعليم الفتيات هذا الفن وتوثيقه رقميًا وتحويله إلى منتج ثقافي قابل للنشر والتطوير في مجالات التصميم والفنون البصرية.
ويحظى فن القط العسيري اليوم باهتمام متزايد في الفعاليات الثقافية والمهرجانات التراثية، إذ يُعرض في معارض فنية ومجسمات جدارية، كما يدخل ضمن تصاميم حديثة مستوحاة من هذا الفن التراثي، ويُوظف في الفنون المعمارية والديكورات التجارية، ما يعزز من حضوره في الفضاء العام، ويمنحه قيمة ثقافية واقتصادية تساهم في استمرار دوره كمصدر فني ومعنوي يعبر عن خصوصية الجنوب السعودي وتقاليده المتجذرة.
المصدر: saudipedia
