الجمعة 1447/03/13هـ (05-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » المعالم التاريخية » فن التحطيب.. رمز تراثي بدأ في مصر واعترفت به اليونسكو عام 2016

فن التحطيب.. رمز تراثي بدأ في مصر واعترفت به اليونسكو عام 2016

انطلق فن التحطيب من أرض مصر القديمة، واستمر يتناقل من جيل إلى آخر حتى أصبح أحد الرموز التراثية التي تعبر عن الشجاعة والمروءة والانتماء.

وتمكّن هذا الفن الشعبي من البقاء، رغم محاولات الإهمال والتجاهل، بفضل جهود متواصلة أسفرت عن تسجيله رسميًا ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو.

وجاء هذا الاعتراف الدولي في 30 نوفمبر 2016 خلال اجتماع اللجنة الحكومية الدولية للمنظمة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد عمل استمر منذ عام 2014 تحت إشراف وزارة الثقافة المصرية، التي سعت لتوثيق هذا الموروث المتجذر في البيئة الصعيدية.

تميز فن التحطيب بخصوصيته في محافظات الصعيد، وعلى رأسها سوهاج وقنا والأقصر وأسوان، حيث لا يزال يمثل جزءًا من الهوية المحلية، ويُمارس خلال المناسبات الاجتماعية والاحتفالات الدينية.

وتدور اللعبة حول مبارزة بين رجلين يحمل كل منهما عصا، وتُؤدى على أنغام المزمار الشعبي، ويتحلّق حول المتنافسين جمهور يشجعهم ويراقب أداءهم بدقة حتى لحظة إسقاط العصا من يد أحدهم، وهي اللحظة التي تعني الانتصار، دون خصومة أو ثأر.

يمتد أصل هذا الفن إلى العصور الفرعونية، كما توثق النقوش الموجودة على جدران المعابد، حيث استخدم المصريون القدماء عصيًا مصنوعة من نبات البردي للتمرين على القتال دون إصابات، ثم تطورت العصا إلى الخيزران، وأصبحت تسمى في العصر الحديث “الشومة”، وتتميز بالصلابة والطول، وتمثل أداة ورمزًا يحمل دلالات ثقافية ودينية واجتماعية، خاصة عند سكان الجنوب، الذين يرون فيها وسيلة لحفظ التقاليد والتواصل بين الأجيال.

رغم أن اللعبة قائمة على المبارزة والدفاع والهجوم، فإنها تحمل قيمًا نبيلة، أبرزها احترام الخصم، والتعبير عن الرجولة في صورة سلمية، وتفريغ الطاقة الجسدية والعاطفية في بيئة محكومة بضوابط اجتماعية، ويُمنع المتخاصمون من المشاركة معًا في جولة واحدة، كما لا يُطالب أهل المتوفى أثناء اللعبة بأي دية أو ثأر، إن وقعت إصابة نادرة أو وفاة.

شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في ممارسة التحطيب داخل بعض القرى، وهو ما دفع محبيه إلى التنقل بين المحافظات بحثًا عن الموالد والأفراح التي تقام فيها مباريات التحطيب، ويؤكد اللاعبون أن ما يبذلونه من جهد ومال لا يُقارن بما يشعرون به من فخر عند رفع العصا والانتصار في ساحة المبارزة أمام الجمهور، لأن التحطيب لديهم ليس هواية، بل أسلوب حياة.

يُعد التحطيب أكثر من مجرد لعبة أو استعراض جسدي، بل هو مدرسة تزرع الصبر والذكاء والكرامة والشهامة في نفوس ممارسيه، ويعتقد المهتمون بالتراث أن بقاء التحطيب مرهون بقدرته على التجدد والانفتاح على الأجيال الجديدة، وتوثيقه في مناهج الثقافة والفنون، إلى جانب الدعم المؤسسي المستمر لضمان بقائه كعلامة مميزة للهوية الثقافية المصرية.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار