تعد قلعة عين القديرات من المواقع الأثرية البارزة في شبه جزيرة سيناء، إذ تقع في شمال سيناء وتمثل إحدى المحطات التاريخية التي ارتبطت بالمنطقة عبر العصور المختلفة، وقد أدرجت القلعة على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو باعتبارها جزءًا من “منطقة المواقع الأثرية في شمال سيناء”، وهو ما يعكس قيمتها التاريخية ودورها في تشكيل الذاكرة العمرانية للمنطقة.
تقع القلعة في منطقة تعرف بغزارة مواردها المائية مقارنة ببقية سيناء، حيث ارتبطت العيون الطبيعية بالاستقرار البشري منذ عصور قديمة، وقد شيدت القلعة في هذا الموقع لتعزيز الدور الدفاعي وحماية الممرات التاريخية التي عبرتها القوافل والجيوش، وهو ما يجعلها نقطة محورية في دراسة النشاط العسكري والتجاري في شمال سيناء، كما يمنحها أهمية خاصة في فهم الاستراتيجية التي اعتمدتها الدول القديمة للسيطرة على هذه البقعة الحيوية.
يمثل موقع عين القديرات شهادة على تعاقب الحضارات التي مرت على سيناء، إذ ارتبط بتاريخ المصريين القدماء والفترات اللاحقة من العصور الفارسية واليونانية والرومانية، ويعتقد الباحثون أن القلعة لعبت دورًا مهمًا في مراقبة الطرق المؤدية إلى داخل مصر عبر صحراء سيناء، كما أسهمت في تأمين الموارد المائية التي كانت ضرورية للحياة في تلك المنطقة، وهو ما جعلها مركزًا يجمع بين الوظيفة الدفاعية والأهمية الاقتصادية.
تحمل القلعة قيمة إضافية كونها جزءًا من المنظومة الأثرية التي توثق العلاقة بين سيناء والحضارة المصرية، فقد مثلت سيناء عبر العصور بوابة الشرق ومدخلًا رئيسيًا إلى مصر، ما جعلها دائمًا محل صراع واهتمام من القوى المختلفة، وتظل قلعة عين القديرات شاهدًا على هذه الأهمية، فهي لم تكن مجرد بناء عسكري بل كانت رمزًا للسيطرة والنفوذ في منطقة ذات موقع جغرافي استراتيجي.
تسعى السلطات المصرية بالتعاون مع جهات دولية إلى إعداد ملف متكامل لتسجيل منطقة المواقع الأثرية في شمال سيناء على قائمة التراث العالمي، حيث تشكل قلعة عين القديرات جزءًا أساسيًا من هذا الملف، ويهدف العمل الجاري إلى إبراز دورها التاريخي وتعزيز قيمتها السياحية والثقافية، كما يتم تنفيذ أعمال مسح ودراسة ميدانية للكشف عن تفاصيل جديدة يمكن أن تسهم في فهم أعمق لتاريخها.
تشكل القلعة اليوم محطة مهمة للباحثين الذين يدرسون تاريخ شمال سيناء وصلتها بالحضارات المتعاقبة، كما تمثل عنصر جذب للزوار المهتمين باستكشاف التراث الأثري في مناطق بعيدة عن المسارات السياحية التقليدية، وتبرز مكانتها باعتبارها أثرًا يجسد العلاقة بين الإنسان والبيئة في منطقة صحراوية اعتمدت على موارد طبيعية محدودة، ومع ذلك استطاعت أن تحتضن نشاطًا بشريًا وعسكريًا متواصلًا لقرون.
المصدر: ويكيبيديا