تعكس “عرضة الخيل والإبل” في سلطنة عمان جانبًا مهمًا من الموروث الثقافي الذي يرتبط بالعلاقة التاريخية بين الإنسان والحيوان.
ويُجسّد هذا الفن قدرة العمانيين على التعامل مع الخيل والإبل بمهارة عالية من خلال استعراضات فنية تنظم في مناسبات وطنية واجتماعية وتُعد جزءًا أصيلًا من الثقافة العمانية التي لا تزال حاضرة حتى اليوم، وتمثل هذه العرضة عنصرًا مهمًا من عناصر التراث غير المادي الذي تم إدراجه في قائمة اليونسكو عام 2018، تأكيدًا على قيمته الثقافية والتاريخية.
تتمثل ممارسة العرضة في تنفيذ سلسلة من الحركات التي تعتمد على التحكم الكامل بالخيل والإبل، حيث يؤدي الفرسان عروضًا معقدة تشمل الركض السريع، الوقوف على ظهور الحيوانات أثناء الحركة، أو الإمساك بيد فارس آخر أثناء الجري السريع، إلى جانب حركات فنية تتطلب تركيزًا عاليًا وتدريبًا طويلًا.
وتُشارك في هذه الفعاليات فرق تقليدية محلية، ويُزيّن الخيل والإبل بأقمشة ملونة مطرزة بالفضة وأدوات تقليدية تعكس الذوق الفني العماني، مما يجعل من هذه العروض مظهرًا احتفاليًا غنيًا بالتفاصيل.
ترتبط هذه الممارسة بمناسبات كالأعياد الوطنية وحفلات الزواج والمهرجانات الرسمية، حيث تتجمع العائلات والقبائل لمشاهدة العرضة وتبادل الأدوار بين الأجيال في أداء العروض، ما يعزز من الترابط الاجتماعي ويمنح الشباب فرصة لاكتساب الخبرات والمشاركة الفاعلة في الحفاظ على تراثهم، كما تتيح هذه الفعاليات للحرفيين والفنانين استعراض أعمالهم من الزينة والإكسسوارات التقليدية المستخدمة في تزيين الخيل والإبل، ما يسهم في تنشيط الصناعات الحرفية المرتبطة بالعرضة.
تتولى المؤسسات الأهلية والمدارس مسؤولية تعليم هذا الفن للأجيال الناشئة، عبر برامج تدريبية ومنصات تعليمية تُدمج فيها المهارات البدنية مع المعرفة التاريخية بثقافة الفروسية.
ويُنظر إلى العرضة اليوم على أنها ممارسة تعليمية وثقافية في آنٍ واحد، تجمع بين التسلية والتربية وتحفز الانتماء الوطني، كما تسهم هذه الفعاليات في الترويج للسياحة، إذ تجذب الزوار من داخل السلطنة وخارجها ممن يرغبون في التعرف على العادات والتقاليد العمانية.
تساعد “عرضة الخيل والإبل” في الحفاظ على مكونات الهوية الوطنية، كما تعزز من مفاهيم التنمية الثقافية المستدامة من خلال دمج التراث في الفعاليات المجتمعية، وتوفير فرص اقتصادية للحرفيين والمشاركين، وتستمر هذه الممارسة في ترسيخ حضورها داخل الحياة اليومية للعمانيين، باعتبارها رمزًا للفخر التاريخي وعنوانًا للموروث الشعبي الذي يستحق الحماية والدعم من المؤسسات الرسمية والمجتمع على حد سواء.
المصدر: اليونسكو