يمثل عرش بلقيس، المعروف أيضًا باسم معبد برآن، واحدًا من أبرز المعالم الأثرية في اليمن، ويعود تاريخه إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بحضارة مملكة سبأ التي ازدهرت في جنوب الجزيرة العربية، ويشتهر المعبد بأعمدته الضخمة والنقوش التي تزين جدرانه، كما يعد شاهدًا على التطور المعماري والديني في تلك الحقبة.
احتل المعبد مكانة دينية مهمة، إذ كان مكرسًا لعبادة إله القمر إلمقه، وكان بمثابة مركز ديني رئيسي في المملكة، مما جعل منه مقصدًا للطقوس والشعائر، وارتبط اسمه بتاريخ سياسي وثقافي وديني غني، يعكس عمق التراث اليمني القديم، ويجعله جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية.
تميز المعبد بتصميم معماري فريد، حيث شيد باستخدام تقنيات حجرية متقدمة، وزينت جدرانه بنقوش تحمل كتابات وأشكالًا رمزية، كما تضمنت بنيته أعمدة شاهقة تمثل إنجازًا هندسيًا في زمنه، مما يجعله مصدر اهتمام للباحثين والمهتمين بالآثار من مختلف أنحاء العالم.
أدرجت منظمة اليونسكو عرش بلقيس على قائمة التراث العالمي، إلا أن الظروف التي تمر بها اليمن جعلته ضمن المواقع المهددة بالخطر، حيث تسببت الحرب المستمرة في تدهور أجزاء من المعبد، وتعرضه للتدمير الجزئي، فضلًا عن توقف النشاط السياحي الذي كان يسهم في تمويل أعمال الصيانة والحفاظ.
أدى الإهمال الناتج عن ضعف الإمكانيات والظروف الأمنية إلى جعل المعبد عرضة للنهب والسرقة، كما أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد حالت دون تخصيص موارد كافية لأعمال الترميم، مما ساهم في زيادة المخاطر التي تهدد باندثار هذا المعلم التاريخي.
تسعى اليونسكو من خلال إدراج الموقع في قائمة التراث المهدد بالخطر إلى زيادة الوعي الدولي بشأن أهميته، وتوفير الدعم الفني والمالي للمساهمة في صيانته، ويشمل هذا الدعم تقديم الخبرات اللازمة لترميم الأجزاء المتضررة، ووضع خطط لإدارة الموقع بشكل يحافظ عليه للأجيال القادمة.
تعمل منظمات محلية ودولية على نشر الوعي بين المجتمع اليمني بأهمية حماية عرش بلقيس، وتشجع المبادرات المجتمعية على المساهمة في صيانة المعالم التاريخية، كما يجري باحثون وأثريون دراسات ميدانية لتوثيق النقوش والهياكل المعمارية، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تلتهمه عوامل الزمن.
يبقى عرش بلقيس رمزًا للتاريخ اليمني العريق، ومع استمرار التحديات الأمنية والاقتصادية، فإن الحفاظ عليه يتطلب جهدًا مشتركًا يجمع بين الدعم الدولي والمشاركة المحلية، لضمان بقاء هذا الشاهد على حضارة سبأ قائمًا أمام أعين الأجيال القادمة.
المصدر: ويكيبيديا