تقع مدينة طلميثة الأثرية، التي كانت تُعرف قديمًا باسم بتوليمايس، في شمال شرق ليبيا، وتعدّ هذه المدينة واحدة من المدن الخمس الإغريقية التي تأسست في شرق البلاد، حيث تُشكّل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ المنطقة، وشاهدًا على حضارات متعاقبة، ترك كل منها بصمته على معالمها الفريدة.
تأسست طلميثة على يد الإغريق، وازدهرت في العصر الروماني، لتصبح في عهد الإمبراطور ديوكلتيانوس عاصمة إقليم برقة، وتُظهر هذه المكانة الأهمية السياسية والاقتصادية التي حظيت بها المدينة في تلك الفترة، إذ كانت مركزًا تجاريًا حيويًا، ونقطة اتصال بين الشرق والغرب.
تُعرف طلميثة بتخطيطها المعماري الروماني النموذجي، الذي يضمّ الشوارع المتعامدة، والساحات العامة، والمباني الأثرية، فالمسرح الروماني، والحمامات، والمنتدى، تُشكّل جميعها جزءًا من النسيج العمراني للمدينة، وتُعبّر عن رقيّ الحياة فيها، وتطورها الحضاري.
تُعدّ بقايا الأبنية السكنية، والمقابر، والمنشآت العامة، دليلًا على مدى ازدهار المدينة في العصور القديمة، كما تُظهر اهتمام سكانها بالفن، والعلوم، والعمارة، فقد كانت طلميثة مركزًا ثقافيًا، وعلميًا، يجذب إليه العلماء، والمفكرين، والفنانين.
بفضل أهميتها التاريخية، تمّ إدراج موقع طلميثة الأثري في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، وهذا الإدراج يُسلّط الضوء على ضرورة حماية هذا الإرث الحضاري، ويُبرز دوره كجزء من التراث الإنساني المشترك، ويُشجع على صيانته، وترميمه، ليبقى للأجيال القادمة.
إنّ زيارة طلميثة اليوم تُعدّ رحلة عبر الزمن، فكل زاوية في المدينة الأثرية تحكي قصة، وكل حجر يروي تاريخًا، فالمواقع الأثرية مثل الكنيسة البيزنطية، والمباني الرومانية، تُقدّم للزائرين فرصة فريدة لفهم الحياة التي كانت سائدة في تلك العصور، وتقدير عظمة الحضارة الليبية.
المصدر: العين الإخبارية