تعد مدينة طرطوس من أبرز المدن السورية الساحلية التي تحتضن إرثاً تاريخياً يمتد لآلاف السنين، إذ يعود تأسيسها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد حين نشأت كمستعمرة فينيقية تحت اسم أنترادوس، وقد اكتسبت أهميتها خلال فترة الحروب الصليبية حيث تحولت إلى ميناء ومرفأ رئيسي لتموين السفن في شرق البحر المتوسط، واستعادها القائد صلاح الدين الأيوبي عام 1188، فيما تظل كاتدرائية طرطوس شاهداً على تاريخها المعماري والديني حيث بنيت عام 1123 فوق كنيسة بيزنطية أقدم منها.
وتحتوي طرطوس على مواقع أثرية ومعالم تاريخية تمثل محطات هامة من حضارات متعاقبة، إذ تم إدراجها في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت مسمى طرطوس: قلعة الصليبيين، كما يعكس تراثها الغني التداخل بين الثقافات التي تعاقبت على المنطقة، ويظهر ذلك جلياً في الطراز المعماري المتنوع، وفي العادات والتقاليد المحلية التي ما زالت حاضرة في الحياة اليومية للسكان.
ومن أبرز معالم المدينة قلعة المرقب التي تقف على تلة مرتفعة وتعد من أضخم القلاع الصليبية في المنطقة، إضافة إلى حصن سليمان الذي يحتضن بقايا معبد روماني ومسرح يرجح بناؤه في عصور قديمة، كما يعد متحف طرطوس وجهة أساسية للزوار المهتمين بتاريخ المدينة حيث يضم مجموعات أثرية نادرة تعكس مراحل زمنية مختلفة.
وتتميز المدينة القديمة في طرطوس بأزقتها الضيقة وبيوتها ذات الطراز التقليدي، بينما تنتشر الأديرة والكنائس التاريخية مثل دير مار الياس الريح التي تعكس التنوع الديني الذي عرفته المنطقة على مر العصور، كما تحافظ المدينة على تقاليدها الشعبية من حرف يدوية وأغانٍ تراثية وأكلات محلية ما زالت حاضرة في المناسبات.
وتشمل قائمة المواقع التاريخية في محيط طرطوس العديد من القلاع والحصون التي ارتبطت بتاريخ المنطقة العسكري والديني، منها قلعة يحمور، وقلعة القدموس، وبرج صافيتا، وبرج الصبي، وقلعة العريمة، وقلعة الكهف، وقلعة الخوابي، وتل كزل، وقلعة العليقة، وقلعة الشيخ ديب، وغيرها من المواقع التي تمثل سجلاً مفتوحاً يروي مسيرة المدينة عبر العصور.
وتظل طرطوس اليوم مزيجاً بين التاريخ الحي والموروث الثقافي المتجدد، ما يجعلها وجهة هامة للباحثين والمهتمين بالتاريخ والآثار، إضافة إلى كونها مركزاً سياحياً بارزاً على الساحل السوري.
المصدر: ويكيبيديا