الأحد 1447/02/09هـ (03-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » المعالم التاريخية » طاسيلي ناجر يكشف تطور الحياة البشرية في عمق الصحراء الكبرى

طاسيلي ناجر يكشف تطور الحياة البشرية في عمق الصحراء الكبرى

يمثل طاسيلي ناجر في جنوب شرق الجزائر أحد أقدم الشواهد على التاريخ البشري في العالم ، حيث يأوي هذا الامتداد الصخري الفريد أكثر من 15 ألف رسم ومنحوتة صخرية تعود إلى ما قبل 6 آلاف عام قبل الميلاد ، وتستعرض هذه الرسومات مراحل تطور المناخ والحياة البشرية وهجرة الحيوانات في الصحراء الكبرى عبر آلاف السنين.

يتيح هذا المتحف المفتوح للزائرين تتبع التحولات البيئية التي عاشتها المنطقة ، حيث تعكس الرسوم التغيرات المناخية الكبرى التي حولت بيئة طاسيلي من أرض خضراء خصبة إلى صحراء قاحلة ، ويبرز في هذه الرسومات تفاصيل دقيقة عن حياة الصيد والزراعة والأنشطة الاجتماعية والروحية التي عرفها الإنسان القديم في تلك الحقبة.

تُعد التضاريس الجيولوجية في طاسيلي من أبرز عوامل تميز الموقع ، إذ تضم المنطقة ما يُعرف بـ”الغابات الصخرية” التي تتكون من أعمدة صخرية ناتجة عن تآكل الصلصال الرملي عبر آلاف السنين ، ما يمنح المكان طابعًا بصريًا فريدًا يجمع بين التكوينات الطبيعية الهائلة والتعبيرات الفنية المنحوتة على الجدران.

يعكس تنوع النقوش الأسلوب الفني المتطور للسكان الذين عاشوا هناك منذ العصر الحجري الحديث حتى بدايات العصر الحديدي ، وتُظهر هذه النقوش أشكالًا دقيقة لحيوانات انقرض بعضها منذ قرون ، مثل الزرافات والأفيال ووحيد القرن ، ما يؤكد أن المنطقة كانت ذات يوم موطنًا غنيًا بالتنوع البيولوجي.

سجلت منظمة اليونسكو طاسيلي ناجر في قائمة التراث العالمي منذ عام 1982 لما يحمله من قيمة ثقافية وجيولوجية استثنائية ، حيث يجمع بين المشاهد الطبيعية الفريدة والمحتوى التاريخي الغني الذي يتيح للباحثين وعلماء الآثار فهم أنماط الحياة في الصحارى القديمة ومتابعة أثر الإنسان في تشكيل بيئته.

تعمل السلطات الجزائرية بالتعاون مع الهيئات الدولية على حماية هذا الموقع من التدهور البيئي والتعديات البشرية ، وتسعى إلى تطوير برامج تعليمية وسياحية تسلط الضوء على مكانة طاسيلي كأرشيف بصري يروي قصة تطور الحضارة في قلب الصحراء ، ويُعزز الوعي بقيمة التراث الثقافي لدى الأجيال الجديدة في المنطقة والعالم.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار