يقع ضريح السلطان صلاح الدين الأيوبي بجوار الجامع الأموي الكبير في قلب دمشق القديمة، حيث شُيّد عام 1196 بعد ثلاث سنوات من وفاته، ليكون رمزاً يخلّد سيرة القائد الذي ارتبط اسمه بتحرير القدس ومواجهة الحملات الصليبية، ويعد اليوم أحد أبرز المعالم التاريخية الإسلامية في سورية.
يحتضن الضريح رفات القائد الأيوبي الذي اشتهر بعدله وحنكته العسكرية، فقد جمع بين القيادة الحكيمة والشجاعة في المعارك، ما جعله يحظى بمكانة مميزة في الذاكرة العربية والإسلامية، ويجعل من ضريحه مزاراً للباحثين عن رموز العزة والكرامة.
أُدرج الضريح ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1979 باعتباره جزءاً من مدينة دمشق القديمة، ويعكس هذا التصنيف قيمته كمعلم يحمل أهمية ثقافية وروحية تتجاوز حدود المكان، ويربط التاريخ الإسلامي بالتراث الإنساني المشترك.
يتميز الضريح بتصميم معماري يجمع بين البساطة والرهبة، حيث شُيّد وفق الطراز الأيوبي الذي عُرف بالاعتماد على الزخارف الدينية والنقوش العربية، وقد رُمم في فترات لاحقة للحفاظ على مكانته، ليظل محتفظاً بملامحه الأصيلة التي تعكس روح تلك الحقبة.
منذ إنشائه في القرن الثاني عشر، ظل الضريح مقصداً للزوار من مختلف البلدان، فهو يجذب المهتمين بتاريخ صلاح الدين وإنجازاته السياسية والعسكرية، كما يقدم صورة عن الأجواء الروحية التي ارتبطت بدمشق كحاضرة للعلم والدين.
تحيط بالضريح أجواء دمشق القديمة التي تعج بالمعالم التاريخية، إذ يقع بجوار الجامع الأموي وأحياء دمشق التراثية، ما يعزز من قيمته السياحية والثقافية، ويجعل الزيارة إليه جزءاً من رحلة اكتشاف هوية المدينة الممتدة عبر القرون.
يمثل الضريح رمزاً للوحدة والصمود في التاريخ الإسلامي، فهو يحفظ ذكرى قائد عُرف بقدراته الفذة في إدارة شؤون الدولة وحماية الأمة، ويواصل إلهام الأجيال بما حمله من قيم العدل والشرف والكرامة.
كما يلفت الضريح أنظار الباحثين وعلماء التاريخ إلى الفترة الأيوبية التي تركت بصمتها الواضحة في المشرق العربي، حيث يقدم معطيات عن الحياة الدينية والسياسية في تلك المرحلة، ويعكس المكان دوره كمركز روحي وتاريخي متجذر في الذاكرة الجماعية.
يسهم الضريح اليوم في تعزيز الوعي بقيمة التراث الإسلامي في دمشق، كما يبرز التنوع التاريخي والمعماري للمدينة التي جمعت بين الحضارات، ليظل علامة بارزة في مسيرة الحفاظ على الإرث الثقافي السوري.
يبقى ضريح صلاح الدين الأيوبي شاهداً خالداً على التاريخ، ومعلماً يروي قصة قائد غيّر مجرى الأحداث، ودعوة مفتوحة للزوار لاستكشاف إرث دمشق العريق الذي يجسد تلاقي الدين والتاريخ والحضارة.