السبت 1447/02/22هـ (16-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » ليبيا » مرئي » الآثار » صبراتة الأثرية تحتفظ بتراث المتوسط وتواجه مخاطر حقيقية

صبراتة الأثرية تحتفظ بتراث المتوسط وتواجه مخاطر حقيقية

يمثل موقع صبراتة الأثري في ليبيا أحد أبرز الشواهد على تفاعل الحضارات في حوض البحر الأبيض المتوسط ، ويقع هذا الموقع التاريخي على الساحل الغربي من البلاد قرب مدينة صبراتة التي كانت في الماضي مركزاً تجارياً مزدهراً يربط بين الداخل الأفريقي وسواحل البحر ، وقد أدرجته منظمة اليونسكو عام 1982 ضمن قائمة التراث العالمي تقديراً لقيمته الحضارية والمعمارية المتنوعة.

تضم صبراتة بقايا معمارية تعود إلى فترات متعاقبة من التاريخ ، حيث تظهر آثار العصرين الروماني والبيزنطي بشكل واضح في منشآتها ومرافقها العامة ، ويُعد المسرح الروماني أبرز معالم الموقع لما يتميز به من اتساع وتنظيم دقيق يسمح برؤية واضحة من جميع الزوايا ، كما توجد بقايا معابد ومباني إدارية وساحات وحمامات وأرضيات فسيفساء تعكس الثراء الفني والتخطيطي الذي تميزت به المدينة.

استقبل الموقع منذ بداية القرن العشرين عدداً من البعثات الأثرية التي عملت على التنقيب والترميم ، وكان أبرزها بعثات إيطالية وبريطانية بدأت منذ عام 1921 ، وأسفرت هذه الجهود عن الكشف عن العديد من القطع الأثرية التي نُقلت إلى المتحف الوطني في طرابلس ومتحف صبراتة المحلي الذي يُعرض فيه جزء من المقتنيات التاريخية المرتبطة بالموقع.

اكتسبت صبراتة أهمية اقتصادية كبيرة في العصور القديمة نظراً لموقعها الجغرافي ، حيث كانت تُستخدم كميناء لتصدير البضائع من قلب أفريقيا نحو أسواق المتوسط ، وقد لعب هذا الدور التجاري في تعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب ، مما انعكس في تنوع الطرز المعمارية وخصوبة المشهد الفني الموجود في الموقع.

تعرضت صبراتة خلال الحرب العالمية الثانية إلى أضرار جسيمة أثرت على بنيتها الأثرية ، كما أُدرج الموقع عام 2016 ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر نتيجة تدهور الوضع الأمني وتعرض بعض منشآته للضرر ، وهو ما دفع اليونسكو إلى توجيه دعوات متكررة لحماية الموقع والحفاظ على طابعه التاريخي عبر برامج ترميم عاجلة ومراقبة فنية دائمة.

تمثل صبراتة اليوم نقطة التقاء بين الذاكرة التاريخية والحاجة الراهنة إلى حماية التراث ، وهي ليست مجرد موقع أثري بل سجل حي لفترات من التلاقي الثقافي والسياسي في منطقة عرفت التنوع والاستمرارية ، وتبقى مسؤولية إنقاذها من التهديدات المعاصرة رهناً بإرادة محلية ودولية جادة تحترم الموروث الإنساني وتضمن نقله للأجيال القادمة.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار