الجمعة 1447/02/28هـ (22-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » مرئي » المعالم التاريخية » صابون الغار الحلبي يمثل هوية مدينة حلب الثقافية منذ آلاف السنين

صابون الغار الحلبي يمثل هوية مدينة حلب الثقافية منذ آلاف السنين

تمثل صناعة صابون الغار الحلبي واحدة من أقدم الحرف التقليدية في المنطقة، حيث يعود تاريخها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، ويعكس هذا المنتج ارتباطاً عميقاً بين سكان مدينة حلب وتراثهم الثقافي، ويعتمد في تكوينه على مكونات طبيعية أهمها زيت الزيتون وزيت الغار.

وتُصنّع هذه القطع يدوياً وفق أساليب متوارثة بين الأجيال، مما جعلها تحافظ على مكانتها بين المنتجات الطبيعية في الأسواق المحلية والعالمية، وتُعد حرفة تصنيع صابون الغار مصدراً مهماً للدخل لدى العديد من العائلات الحلبية التي ما زالت متمسكة بتفاصيل هذه الصناعة رغم الظروف القاسية التي مرت بها المدينة خلال السنوات الأخيرة.

صابون الغار: استخداماته وفوائده وأضراره وطريقة صنعه في المنزل - Souq Fann Journal

تعتمد صناعة صابون الغار على مراحل دقيقة تبدأ بجمع زيت الزيتون وزيت الغار الطبيعي، ثم مزجهما بالماء والصودا الكاوية في أوعية كبيرة تُسخّن بنار الحطب، ويُحرّك المزيج يدوياً حتى يتجانس، ثم يُصب في قوالب أرضية كبيرة تُترك حتى تجف وتتماسك، وبعد ذلك يُقطع الصابون إلى مكعبات متساوية باستخدام أدوات حديدية بسيطة.

وتُختم كل قطعة بختم يدوي يحمل اسم العائلة أو اسم المصنع، ثم تُترك القطع لتجف تماماً في أماكن مظللة ومهوّاة قبل أن يتم تعبئتها وتُرسل إلى الأسواق، وتتميز هذه الطريقة بغياب أي مواد كيميائية مضافة، ما يمنح المنتج ميزة صحية وبيئية تجذب شريحة واسعة من المستخدمين الذين يبحثون عن البدائل الطبيعية.

رغم هذه القيمة الثقافية والصحية، تواجه صناعة صابون الغار تحديات متراكمة، أبرزها الحرب السورية التي دمّرت العديد من المصابن التقليدية داخل المدينة، وتسببت في تعطيل حركة التصدير، إضافة إلى انتشار منتجات مقلّدة تفتقر للجودة الحقيقية وتُباع في الأسواق على أنها أصلية، وهو ما يؤثر سلباً على ثقة المستهلكين ويقلل من فرص المنتجين الحقيقيين في المنافسة، كما يواجه المنتج التقليدي صعوبة في التكيّف مع الأذواق الحديثة، خاصة في ظل زيادة الطلب على الصابون المعطر أو المصنع آلياً بتصميمات تغلّفها أدوات تسويقية متطورة.

بدء موسم صناعة صابون الغار الحلبي في عفرين - YouTube

تشير جهود محلية ودولية إلى سعي متواصل للحفاظ على هذه الحرفة من خلال تسجيلها في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وهو ما يمنحها حماية رمزية، إلا أن بقاء هذه الصناعة مرهون بالدعم الفعلي للحرفيين، سواء عبر توفير التمويل أو من خلال دعم عمليات التسويق الخارجي، ويحتاج المنتجون أيضاً إلى حملات توعوية تعرّف المستهلكين داخل وخارج سوريا بالقيمة الثقافية والغذائية لصابون الغار، وتشرح الفرق بين الأصلي والمقلد، وتبرز خصائصه الطبيعية.

يدعو الكثير من الحرفيين والمهتمين بالتراث إلى إنشاء معاهد تدريب مهني مخصصة لتعليم الأجيال الجديدة طرق تصنيع صابون الغار التقليدي، لضمان استمراريته وعدم انقراضه، كما يُقترح تأسيس تحالفات صناعية محلية تقوم بتنظيم عمليات الإنتاج والتوزيع تحت اسم موحّد يكفل جودة موثوقة، ويؤمّن للمنتج الحلبي مكانة عالمية مستحقة في الأسواق المهتمة بالمنتجات البيئية والنقية.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار