دخلت مدينة شرشال الجزائرية ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو في إطار ما يُعرف بـ”أماكن وطرق أغسطينوس في المغرب الأوسط”، حيث يمثل هذا الإدراج الأولي خطوة نحو الاعتراف الدولي بأهمية المدينة التاريخية، ويُمهّد الطريق لدراستها من قِبل خبراء المنظمة تمهيدًا لتسجيلها رسميًا ضمن قائمة التراث العالمي، وهو ما يعكس القيمة الثقافية والحضارية التي تحملها المدينة عبر العصور.
تتميّز شرشال بموقعها الجغرافي على الساحل الجزائري في ولاية تيبازة، وقد شهدت خلال تاريخها الطويل تعاقب حضارات متعددة، بدءًا من الفينيقيين وصولًا إلى الرومان، حيث كانت تعرف باسم “قيصرية” في العهد الروماني، وهو ما جعلها مركزًا سياسيًا ودينيًا وتجاريًا في حوض البحر الأبيض المتوسط، وتُعدّ آثارها المتبقية شاهدة على هذا الإرث الحضاري، من بينها المسارح والمعابد والطرق المرصوفة والنقوش الحجرية.
يرتبط إدراج شرشال بهذه القائمة بتراث القديس أغسطينوس الذي عاش وعمل في مناطق شمال أفريقيا، حيث تُعتبر المدينة إحدى المحطات التي وثّقت وجوده أو تأثرت بفكره الديني والفلسفي، ويأتي هذا ضمن تصور أوسع ترعاه اليونسكو لتتبع مسار أغسطينوس عبر مدن المغرب الأوسط، مما يمنح شرشال موقعًا رمزيًا في هذا السياق، ويعزز من فرصها للظهور كمحطة ثقافية وروحية على خارطة التراث العالمي.
تخضع المواقع المدرجة في القائمة الإرشادية لعملية تقييم طويلة تبدأ بجمع الملفات الوطنية وتقديم الأدلة على أهمية الموقع، ثم يجري فحصها من قِبل لجان مختصة وخبراء تراث عالمي، وهي مرحلة ضرورية لضمان استيفاء المعايير الدولية التي تضمن الحفاظ على القيم التاريخية للموقع، وتقديم رؤية شاملة لحمايته من المخاطر العمرانية أو البيئية.
تنتظر مدينة شرشال اليوم ترجمة هذا الإدراج إلى خطوات فعلية عبر التعاون بين الجهات الوطنية والمؤسسات الثقافية الدولية، حيث يطمح المسؤولون إلى دعم عمليات الترميم والتوثيق وتنشيط السياحة الثقافية في المدينة، مما يساهم في ربط المجتمع المحلي بالإرث التاريخي للمنطقة، ويخلق فرصًا اقتصادية جديدة ترتكز على استثمار المقومات التراثية.
المصدر: archiqoo
