تتألق قرية سرجيلا الأثرية شمال غرب سورية باعتبارها إحدى أبرز القرى البيزنطية التي احتفظت بعراقتها، وقد شيدت في عام 473 ميلادية، وبرزت كمركز يروي تفاصيل الحياة في العصور القديمة، لتبقى من أفضل الأمثلة على المدن المنسية التي صمدت أمام الزمن.
وتندرج سرجيلا ضمن القرى القديمة في شمال سورية التي أدرجت على قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2011، وتعد نموذجاً غنياً بالإرث التاريخي والمعماري، فهي تفتح نافذة على ماضي المنطقة، وتعكس أنماط العيش التي ازدهرت في تلك الحقبة.
وتتميز القرية بهياكلها الحجرية المتماسكة التي تضم منازل وكنائس ومعاصر زيتون، ويكشف هذا التنوع عن أسلوب حياة متكامل جمع بين العبادة والعمل، كما توضح بقايا الأبنية براعة البنائين البيزنطيين الذين أتقنوا تشييد الأقواس والأعمدة المزخرفة.
وتحتفظ سرجيلا بأطلال تعكس ازدهارها الاقتصادي في الماضي، حيث لعبت دوراً بارزاً كمركز تجاري وزراعي، وتبرز معاصر الزيتون المنتشرة بين أطلالها أهمية الزراعة كمورد رئيسي، مما يجعلها موقعاً يجذب الزوار المهتمين بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي.
وتوضح معالم العمارة في القرية مزيجاً من التأثيرات البيزنطية والرومانية، وتكشف عن ثقافات متنوعة أثرت في أسلوب البناء والزخارف، مما يبرز تفاعلاً حضارياً غنياً ميز المنطقة في تلك الحقبة.
وتواجه سرجيلا تحديات تتعلق بالحفاظ على تراثها المعماري، إذ تعرضت لبعض الأضرار خلال النزاعات في سورية، غير أن الجهود المبذولة لصيانتها تهدف إلى حماية مبانيها التاريخية وضمان استمرار حضورها كمعلم بارز في التراث العالمي.
وتجذب القرية باحثي الآثار والمهتمين بالثقافة والسياحة التاريخية، حيث توفر تجربة فريدة لاستكشاف ملامح الحياة البيزنطية، وتعزز مكانة سورية كموطن للحضارات المتعاقبة التي تركت بصمات عميقة في ذاكرة التاريخ.
وتتميز سرجيلا بموقعها الريفي الذي يضفي عليها بعداً جمالياً، إذ تحيط بها التلال الخضراء والمناظر الطبيعية الهادئة، مما يمنح الزوار فرصة للجمع بين الاستمتاع بالطبيعة والتعرف على إرث معماري وإنساني محفوظ.
وتبرز أهمية سرجيلا في كونها شاهداً حياً على تفاعل الحضارات عبر القرون، فهي تحكي قصصاً عن الحياة اليومية والتنظيم الاجتماعي والديني، وتشهد على إبداع الإنسان في إقامة مجتمعات متكاملة البنية.
وتعد زيارة سرجيلا رحلة عبر الزمن تتيح للزوار اكتشاف تفاصيل الماضي، من الحمامات العامة إلى المباني السكنية، وتقدم تجربة ثقافية غنية تؤكد على قيمة التراث الإنساني المشترك، وتلهم الأجيال بأهمية الحفاظ على التاريخ.
المصدر: اليونسكو
