الثلاثاء 1447/03/24هـ (16-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المملكة العربية السعودية » مرئي » المعالم التاريخية » سد السلمقي.. إرث تاريخي في وادي ثمالة يكشف أسرار العمارة المائية القديمة

سد السلمقي.. إرث تاريخي في وادي ثمالة يكشف أسرار العمارة المائية القديمة

 

يقع سد السلمقي جنوب غرب مدينة الطائف على بعد ثلاثين كيلومترًا في وادي ثمالة التابع لمنطقة مكة المكرمة، ويُعد من أبرز المعالم الأثرية المائية في الجزيرة العربية، حيث يجمع بين ضخامة الحجم وحالة الحفظ الجيدة التي ما زال عليها حتى اليوم.

يتميز السد بكونه الأكبر في منطقة الطائف، وقد شُيّد باستخدام تقنيات تقليدية متطورة اعتمدت على بناء جدار مزدوج الوجه مصنوع من كتل حجرية مستطيلة، فيما صُمم الجانب العلوي ليكون مقاومًا للماء، وهو ما يكشف عن فهم متقدم لعلوم البناء وإدارة الموارد المائية.

يرتبط بالسد بئران تاريخيتان تتصلان به عبر قناة مائية، وهو ما يعكس التكامل في التخطيط الهندسي الذي لم يقتصر على بناء جدار لحجز المياه فقط، بل شمل شبكة متكاملة لإدارة وتوزيع المياه بما يخدم متطلبات الزراعة والحياة اليومية للسكان.

سد السملقي الأثري - سعوديبيديا

تشير الدراسات إلى أن تاريخ بناء السد يعود إلى ما قبل الإسلام، حيث تُظهر ملامحه تشابهًا مع الهياكل المائية القديمة في اليمن، كما وُجدت نقوش كوفية في الموقع تؤكد ارتباطه بالعهد الأموي، ما يجعله شاهدًا على امتداد زمني طويل من التاريخ العربي والإسلامي.

يحافظ السد على قيمته التراثية الفريدة من خلال تكامله مع البيئة الزراعية المحيطة، حيث يشكل مع الوادي مشهدًا متجانسًا يعكس العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة، كما يُبرز دوره التاريخي في دعم النشاط الزراعي بالمنطقة.

رُشح السد ليكون ضمن القائمة الإرشادية لمواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، بوصفه جزءًا من منظومة إدارة المياه القديمة، وهو ما يعزز مكانته الثقافية على الصعيد العالمي ويؤكد أهميته في تاريخ العمارة المائية.

يجذب السد الباحثين المتخصصين في الهندسة الأثرية الذين يجدون فيه نموذجًا بارزًا للتكيف مع البيئة الجافة، كما يمنح الزوار فرصة لاكتشاف إرث مائي غني يروي قصص الابتكار والتطور عبر العصور، ويكشف عن براعة الأجداد في مواجهة تحديات الطبيعة.

تواجه بقايا السد تحديات عديدة أبرزها التعرية الطبيعية التي تهدد سلامة هيكله، وهو ما دفع الجهات المحلية إلى تكثيف الجهود للحفاظ عليه عبر برامج ترميم وصيانة مستمرة تهدف إلى حماية هذا الإرث من عوامل الزمن.

تشهد المنطقة تنظيم جولات سياحية للتعريف بالسد ومحيطه، حيث تقدم مراكز الزوار معلومات تاريخية موثقة، وتلعب هذه الأنشطة دورًا في دعم الاقتصاد المحلي من خلال تعزيز السياحة التراثية.

يمثل السد رمزًا للابتكار الهندسي في إدارة الموارد المائية القديمة، ويجسد ذكاء الإنسان العربي في مواجهة قسوة المناخ وضمان استدامة الزراعة والحياة، كما يؤكد دوره التاريخي كدعامة للتنمية الإقليمية.

تواصل الدراسات الأثرية توثيق تاريخ السد بدقة وكشف المزيد من تفاصيله، فيما تبرز المبادرات الثقافية دوره عالميًا عبر المعارض والأنشطة التي تسلط الضوء على قيمته الحضارية، في وقت تسعى السلطات إلى تطوير البنية التحتية السياحية المحيطة لتسهيل تجربة الزوار.

ويظل سد السلمقي شاهدًا على عبقرية الهندسة المائية القديمة، إذ يروي هيكله قصص الابتكار والصمود، ويشكل دعوة لاكتشاف جزء أصيل من التراث العربي.

المصدر: سعوديبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار