السبت 1447/02/22هـ (16-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » مرئي » المعالم التاريخية » زبيد التاريخية مدينة بنمط معماري تقليدي يعكس عمق الهوية الإسلامية والعربية

زبيد التاريخية مدينة بنمط معماري تقليدي يعكس عمق الهوية الإسلامية والعربية

تواجه مدينة زبيد التاريخية في اليمن تحديات متزايدة تهدد بقاءها كموقع تراث عالمي، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى أوائل القرن الثالث الهجري عندما أمر الخليفة المأمون ببنائها، وظلت على مدى قرون عاصمةً سياسية وثقافية للعديد من الدول التي حكمت اليمن، مثل الدولة الزيادية والأيوبية والرسولية والطاهرية، وقد لعبت دورًا بارزًا في المشهد الفكري والعلمي العربي بفضل جامعتها الإسلامية التي جذبت العلماء من مختلف الأقطار الإسلامية، كما امتازت زبيد بنمط معماري تقليدي يعكس عمق الهوية الإسلامية والعربية المتجذرة في تفاصيلها.

زبيد (الحديدة) - ويكيبيديا

تم إدراج المدينة في عام 1993 ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، نظرًا لقيمتها الأثرية والعمرانية، إلا أن المخاطر التي بدأت تلوح في الأفق منذ أواخر التسعينيات دفعت بالمنظمة الدولية إلى إدراج زبيد في قائمة المواقع المعرضة للخطر منذ عام 2000، وذلك بعد تصاعد مظاهر التدهور المعماري واستخدام مواد بناء حديثة أضرت بالطابع التقليدي للمدينة، وقد ساهمت هذه التغييرات العشوائية في طمس الملامح الأصلية لكثير من المباني السكنية والتجارية والمساجد والمدارس التاريخية، كما تعرضت القلعة القديمة وعدد من الأبواب لضرر بالغ نتيجة غياب الصيانة وارتفاع معدلات التآكل بفعل العوامل المناخية.

شهدت المدينة تدهورًا متسارعًا خلال سنوات الحرب اليمنية، حيث أثرت النزاعات المسلحة بشكل مباشر على استقرارها المعماري والاجتماعي، وهو ما زاد من تعقيد جهود الإنقاذ والترميم، كما أن غياب سلطة محلية فعالة في بعض الفترات أضعف الرقابة على أعمال البناء والهدم العشوائي، مما فاقم من تراجع الهوية المعمارية للمدينة، إلى جانب ذلك لعب التغير المناخي دورًا في تفاقم حالة بعض المباني بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وتزايد عوامل التعرية، وقد لوحظ في السنوات الأخيرة تراجع واضح في عدد الزوار والسياح، ما أثر سلبًا على الحركة الاقتصادية التي كانت تعزز جهود الحفاظ على التراث.

تسعى منظمات دولية ومحلية حاليًا إلى وقف نزيف الانهيار العمراني، من خلال برامج ترميم محدودة بدعم مالي خارجي، كما أطلقت حملات توعية تهدف لتعزيز الشعور المجتمعي بأهمية حماية الإرث الحضاري، في حين تستمر المطالبات بتدخل دولي أوسع لتمويل عمليات الصيانة وتوفير كادر فني متخصص في الترميم التقليدي، حيث يرى بعض المهتمين بالتراث أن الحفاظ على زبيد لا يتعلق فقط بصيانة مبانيها، بل يتجاوز ذلك ليشمل حماية هوية المدينة الثقافية التي امتدت عبر قرون.

تعكس زبيد تاريخًا غنيًا يمكن أن يسهم في مستقبل اليمن إذا ما تم الاستثمار في تراثها بأسلوب ممنهج، ويتطلب ذلك تحركًا جماعيًا من الجهات الرسمية والدولية، لضمان بقاء المدينة كرمز حضاري وإنساني تتوارثه الأجيال، وتبقى زبيد رغم كل ما تواجهه شاهدًا حيًا على فترة ازدهار علمي وثقافي لا تزال آثارها حاضرة في جدرانها القديمة وأزقتها الضيقة.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار