أدرجت السلطات المختصة دير أبو مينا الأثري غرب الإسكندرية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي منذ عام 1979 نظرًا لما يمثله من قيمة دينية وتاريخية تعود إلى بدايات انتشار المسيحية، ويعد الموقع أحد أبرز المزارات المسيحية القديمة التي نشأت حول قبر القديس مينا الذي اعتقد أتباعه أنه كان يحقق المعجزات، إذ تحوّل الموقع تدريجيًا إلى مركز حج عالمي يزوره الآلاف سنويًا خلال القرنين الخامس والسابع الميلادي، بينما يحتوي الموقع على عدد من المعالم الأثرية التي ما زالت شاهدة على تلك الحقبة، مثل البازيليكا الكبرى وكنيسة المدفن والمعمودية ودور الضيافة والحمامات وغيرها من المباني التي تؤرخ لمرحلة مزدهرة من العمارة الدينية.
واجه الدير خلال العقود الماضية أزمة حادة تمثلت في ارتفاع منسوب المياه الجوفية في محيطه نتيجة التوسع الزراعي واستخدام وسائل ري مفرطة بالمناطق المحيطة، مما أثّر على سلامة الأساسات وتسبب في تهديد مباشر للبنية المعمارية الهشة، الأمر الذي دفع اليونسكو إلى إدراج الموقع ضمن قائمة التراث العالمي المعرض للخطر عام 2001، واستمر ذلك التصنيف لعقود وسط مطالبات متكررة بتحرك عاجل للحفاظ على الدير الذي يملك أهمية دينية فريدة ليس فقط على المستوى المصري وإنما العالمي.
نفذت وزارة السياحة والآثار خلال الأعوام الأخيرة مشروعًا كبيرًا تضمن أعمال إنقاذ شاملة بالتعاون مع عدة جهات رسمية، حيث ركزت الخطة على خفض منسوب المياه الجوفية من خلال تطوير نظام صرف متكامل، مع تنفيذ أعمال ترميم دقيقة استهدفت تثبيت العناصر المعمارية، وإعادة الأحجار المنهارة إلى وضعها الأصلي، وترميم الجدران والقباب، كما تم إدخال نظام مراقبة إلكتروني لمتابعة استقرار الموقع وتسجيل أي تغييرات مفاجئة في البيئة المحيطة، وهي خطوة ساعدت في توثيق التطورات اليومية وتوفير آليات إنذار مبكر لأي أخطار مستقبلية.
أثمرت تلك الإجراءات عن نتائج ملموسة، إذ شهد الموقع تحسنًا تدريجيًا في حالته البنيوية، وهو ما دفع منظمة اليونسكو إلى سحب اسم دير أبو مينا من قائمة المواقع المهددة بالخطر رسميًا في عام 2025، ليعود الموقع إلى حالته الأصلية ضمن قائمة التراث العالمي دون ملاحظات، وسط ترحيب محلي ودولي بما تحقق من إنجازات.
المصدر: اليونسكو