السبت 1447/02/22هـ (16-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » السودان » مرئي » المعالم التاريخية » دنقلا العجوز.. أول مسجد بُني في السودان والأقدم في إفريقيا

دنقلا العجوز.. أول مسجد بُني في السودان والأقدم في إفريقيا

يشهد مسجد دنقلا العجوز في شمال السودان على واحدة من أهم المراحل التاريخية في المنطقة، إذ يمثل أول مسجد بُني في السودان، وثاني أقدم مسجد في أفريقيا، ويعود تأسيسه إلى عام 651 ميلادية، عقب الفتح الإسلامي الذي قاده عبدالله بن أبي السرح بأمر من عمرو بن العاص بعد فتح مصر.

وجاء بناء المسجد ضمن اتفاقية “البُقط” التي أبرمها المسلمون مع مملكة المقرة النوبية، عقب مواجهات قوية خاضها الطرفان في تلك الفترة.

يقع المسجد في بلدة دنقلا العجوز، وهي واحدة من أقدم المدن السودانية، وكانت عاصمة مملكة المقرة قبل دخول الإسلام، وتبعد نحو 105 كيلومترات جنوب مدينة دنقلا الحالية، ولا يزال المسجد قائماً حتى اليوم، ويجاوره عدد من الآثار المهمة مثل قلعة الخندق، وبقايا كنائس وأديرة، مما يبرز الطبيعة الدينية المتعددة التي مرت بها المنطقة.

ويُعرف المسجد أيضاً باسم مسجد عبدالله بن أبي السرح، ويُعتقد أنه شُيّد على أنقاض كنيسة قديمة، وتُشير مصادر تاريخية مثل كتاب “تاريخ السودان” لنعوم شقير إلى وجود حجر رخام يحمل نقوشاً عربية عند مدخل المسجد، وهو ما يؤكد عملية التحول الديني التي شهدتها المنطقة في القرن السابع الميلادي.

وتحمل بلدة دنقلا العجوز أسماء عديدة مثل “عروس القرآن” و”القدار”، وتُوصف بأنها مدينة الأساطير لما تحويه من كنوز دينية وتاريخية، كما تضم قرية ناوا الشهيرة التي تحتوي على عدد من المساجد الأثرية، أبرزها مسجد جنيد، بالإضافة إلى مسجد آخر يُعتقد أن الصحابي عبدالله بن أبي السرح بناه ودفن أغلبه تحت الرمال.

وتشير بعثات أثرية حديثة إلى أن المسجد كان قاعة تتويج للملوك المسيحيين في مملكة المقرة، وتم تحويله لاحقاً إلى مسجد، ما يعكس التغيير العميق الذي طرأ على هوية المكان عقب دخول الإسلام.

ويظل مسجد دنقلا العجوز من المعالم التي تربط الماضي بالحاضر، إذ يجمع بين بقايا الكنائس المسيحية والتاريخ الإسلامي الأول في السودان، ويُعد وجهة دينية وسياحية بارزة، كما يُمثّل نقطة التقاء حضارات مختلفة شهدت صراعات وتحالفات دينية وثقافية، هذا التداخل في العمارة والتاريخ والمعتقدات يعطي للمسجد بُعداً ثقافياً فريداً، يجذب الباحثين والمهتمين بالتاريخ الديني والآثار الإسلامية والنوبية.

ورغم تقادم الزمن، لا تزال المنطقة تحتفظ بهويتها المتداخلة، وتفتح أبوابها لكل من يسعى لفهم جذور التحول الديني في السودان.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار