تُشكل قرية الملد التراثية في المملكة العربية السعودية، التي تقع شرق مدينة الباحة وتبعد عنها حوالي 4 كيلومترات، إحدى أبرز القرى التاريخية في المنطقة، وتتميز بنسيجها المعماري الفريد الذي يعبر عن النمط المحلي الأصيل في تخطيط القرى التراثية. وقد نتج هذا المظهر المتجانس عن تجاور الأبنية السكنية وتكاملها مع الحصون الدفاعية الشاهقة.
تتربع قرية الملد على قمم جبال السراة جنوب الباحة، مُطلة على وادي الملد، مما يمنحها موقعاً استراتيجياً ومناظر طبيعية خلابة، وتبعد القرية عن مكة المكرمة قرابة 250 كيلومتراً، وتعد إرثاً حضارياً وتراثاً عمرانياً يمتد لأكثر من ٤٠٠ عام.
تتميز القرية بحصونها الأثرية المرتفعة والشامخة، التي كانت تُستخدم قديماً كأبراج للمراقبة وللدفاع عن القرية، كما كانت بمثابة مستودعات محصنة لتخزين المؤن والأغذية للسكان. ويُعد حصن الأخوين «التوأمين» الأثري، الذي يعود تاريخه لأكثر من 400 عام، أبرز معالمها، وهو يجسد الفن الهندسي المعماري القديم ببنائه ذي القاعدة المربعة والشكل المخروطي للأعلى.

بُنيت منازل القرية، التي يتكون معظمها من طابق أو طابقين بنوافذ مربعة الشكل، باستخدام الحجر الصخري الطبيعي المتوفر محلياً، بينما اعتمدت أسقفها على الأخشاب والطين كمواد بناء أساسية. وقد ظهرت هذه البيوت بمظهر عام مكمل لجمالية الحصون، ما خلق نسيجاً عمرانياً متكاملاً ومعبراً عن الطراز المحلي.
اشتملت القرية على مبانٍ تاريخية كانت تُعقد فيها الصفقات التجارية المهمة، وشهدت كذلك إبرام اتفاقيات الصلح بين القبائل، مما يؤكد على أهميتها الاجتماعية والاقتصادية في الماضي. وتُعتبر القلعة بأكملها اليوم بمثابة متحف مفتوح، يعرض أدوات الزراعة والحياة اليومية والأسلحة التقليدية التي استخدمها السكان.
يُضيف مسجد الملد التاريخي، الذي بني عام 1364هـ (1945م)، قيمة دينية وتراثية كبرى للقرية، وهو يُعد من أقدم المساجد التراثية في المحافظة، وقد تم إدراجه ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية.
تُعد القرية، التي تقع جنوب مدينة الباحة بحوالي 3 كيلومترات على الطريق المؤدي إلى محافظة بلجرشي، أيقونة حضارية للمنطقة، نظراً لتاريخها العريق وتراثها المعماري المتقن. وقد اشتهرت الملد قديماً بزراعة محاصيل متنوعة ومهمة، مثل اللوز والعنب والحماط والتين، التي كانت تشكل مورداً اقتصادياً أساسياً لأهلها.
تتمتع الملد بمناخ مميز، حيث يسودها طقس ممطر وبارد في فصل الشتاء، ومعتدل ومريح في فصل الصيف، مما يجعلها وجهة مثالية للزيارة على مدار العام. وتزداد جاذبية القرية بوجود سد وشلال وادي الملد، الذي يضفي عليها جمالاً طبيعياً إضافياً آسراً، ويجذب محبي الطبيعة والهدوء. وفي الختام، تعتبر قرية الملد وجهة سياحية بارزة في المملكة العربية السعودية، تستقطب الزوار المهتمين بالتراث والتاريخ والطبيعة الخلابة.
المصدر: ويكيبيديا