يعد حصن الأخيضر من أبرز المعالم الأثرية في العراق، حيث يعود تاريخ بنائه إلى العصر العباسي حين شيده الأمير عيسى بن موسى في عهد الخليفة أبو جعفر المنصور عام 775 ميلادية، ويقع الحصن في محافظة كربلاء على بعد خمسين كيلومترًا جنوب المدينة، ويتميز بعمارة فريدة تمزج بين الطراز الساساني والبيزنطي، ويحيط به سور ضخم يضفي عليه طابع الحصانة والقوة.
يحمل الحصن قيمة تاريخية وثقافية كبيرة باعتباره شاهدًا على فنون العمارة العباسية التي ازدهرت في تلك الحقبة، كما يمثل جزءًا من التراث الثقافي للعراق ومنطقة الشرق الأوسط، وقد أدرج ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لمنظمة اليونسكو تحت الاسم الرسمي “حصن الأخيضر”، وهو ما يعكس أهميته العالمية، ويؤكد ضرورة الحفاظ عليه كموقع تراثي فريد.
يتكون الحصن من تصميم مستطيل الشكل ويضم العديد من الغرف والأقبية والأروقة والدهاليز والسراديب، مما يجعله نموذجًا معماريًا متكاملًا يعكس قدرة البنائين في تلك الفترة على المزج بين الجمال المعماري والوظائف الدفاعية، كما يعتقد أن اسمه مشتق من اللون الأخضر للتربة التي شيد عليها، وهو ما أضفى على الموقع هوية مميزة ظلت مرتبطة به عبر القرون.
يتمتع حصن الأخيضر بقيمة أثرية كبيرة، حيث يجسد مرحلة مهمة من التاريخ الإسلامي في العراق، ويسهم في تعريف الزوار بالإنجازات الحضارية للعصر العباسي، وهو ما يجعله مقصدًا للسياح والباحثين من مختلف أنحاء العالم، إذ يتيح لهم فرصة التعرف على ملامح العمارة الإسلامية المبكرة والاطلاع على أساليب التحصين التي استخدمت لحماية المراكز الحضرية والمواقع الاستراتيجية.

تسعى السلطات المحلية والوطنية إلى تعزيز الاهتمام بهذا المعلم من خلال خطط ترميم وصيانة تهدف إلى الحفاظ على بنيانه من عوامل التعرية والإهمال، كما يتم العمل على إدماجه ضمن مسارات السياحة الثقافية في العراق، بحيث يصبح جزءًا من الفعاليات والأنشطة التي تعزز الوعي بأهمية التراث الوطني، وتدعم الاقتصاد المحلي عبر جذب مزيد من الزوار.
يمثل حصن الأخيضر نموذجًا حيًا لما يمكن أن تقدمه العمارة التاريخية من معارف ودروس للأجيال الحالية، ويؤكد أن الحفاظ على التراث ليس مجرد مهمة ثقافية، بل هو استثمار في هوية الشعوب وذاكرتها الجماعية، ما يستدعي تكاتف الجهود بين المؤسسات الحكومية والمجتمعات المحلية والمؤسسات الدولية لضمان استمرارية هذا الإرث للأجيال المقبلة.
المصدر: ويكيبيديا