سجلت السعودية فن حداء الإبل عام 1444هـ/2022م ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وذلك بالشراكة مع سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، ويعد هذا التسجيل توثيقاً رسمياً لأحد أبرز الممارسات الثقافية في حياة سكان الجزيرة العربية، إذ يُعد الحداء فناً شفهياً يعكس العلاقة بين الإنسان والإبل من خلال أصوات مميزة تؤدى أثناء الترحال أو الرعي.
يمثل حداء الإبل أحد أشكال التعبير الشفهي التقليدي الذي يتم توارثه من جيل إلى آخر، ويعتمد في جوهره على استخدام أصوات إيقاعية ونبرات صوتية محددة تؤثر مباشرة على حركة الإبل واستجابتها، ويُستخدم الحداء في مختلف البيئات الصحراوية والريفية التي ترتبط بتربية الإبل، حيث يعمل الحداء على توجيه الإبل أثناء التنقل أو جمعها أو تهدئتها خلال المسير الطويل، ويستخدم الرعاة كلمات ذات دلالات خاصة وإيقاع يلامس آذان الإبل، مما يكوّن لغة غير مباشرة لكنها فعالة بين الطرفين.
جاء تسجيل الحداء في إطار حرص المملكة على صون مكونات التراث الثقافي غير المادي وتعزيز حضوره في الذاكرة الجماعية للأجيال الجديدة، ويمثل هذا الاعتراف الدولي من اليونسكو خطوة جديدة في مسار الجهود التي تبذلها السعودية في الحفاظ على الإرث الثقافي والحرفي الشفهي، لا سيما المرتبط بحياة البادية والأنشطة اليومية لسكانها، كما يعكس هذا التسجيل اهتماماً حكومياً ومجتمعياً واسعاً بضرورة الحفاظ على الفنون القولية التي تشكّل هوية ثقافية واضحة للمجتمعات المحلية.
يُعد الحداء جزءاً من منظومة أوسع تشمل أنماطاً أخرى من الفنون الشفهية المرتبطة بالإبل، مثل التهويدات والأناشيد والقصائد التي تحمل مضامين تربوية أو اجتماعية، وتُمارس هذه الفنون في مناسبات متنوعة، منها الرحلات الجماعية والمهرجانات والسباقات، وهو ما يعزز من بقاء هذا التقليد حيّاً وفاعلاً داخل المجتمع، كما أن الحداء يشكّل دلالة رمزية على الانسجام بين الإنسان والطبيعة وقدرته على ترويض الحيوان باستخدام الصوت فقط دون أدوات مادية.
أسهمت المؤسسات الثقافية في السعودية، بالتعاون مع نظيراتها في الإمارات وسلطنة عمان، في إعداد ملف التسجيل المشترك لحداء الإبل، واستند هذا الملف إلى بحوث ميدانية وشهادات مجتمعية وتوثيق سمعي بصري لفترات طويلة، حيث تم تقديم المادة التراثية إلى لجنة التراث غير المادي في اليونسكو باعتبارها ممارسة لا تزال حاضرة في الحياة اليومية، كما شمل الملف خططاً لحمايتها وتعزيز نقلها إلى الجيل الجديد من خلال ورش تعليمية وبرامج توعوية وتغطيات إعلامية متخصصة، وهو ما يضمن بقاء الحداء كأحد عناصر الهوية الثقافية الخليجية المشتركة.
المصدر: saudipedia